2ـ قوله عن القرآن : أما الذي في اللوح المحفوظ : فغير مخلوق ، وأما الذي هو بين الناس فمخلوق .قال الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " (8/ 347) : أخبرني الأزهري ، حدثنا محمد بن حميد اللخمي ، حدثنا القاضي ابن كامل ـ إملاء ـ قال : حدثني أبو عبدالله الوراق المعروف بجوار ، قال : كنتُ أورق على داود الأصبهاني ، وكنتُ عنده يوماً في دهليزه مع جماعة من الغرباء ، فسئل عن القرآن فقال : القرآن الذي قال الله نعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ) وقال : ( في كتاب مكنون ) غير مخلوق ، وأما الذي بين أظهرنا يمسه الحائض والجنب فهو مخلوق .
هذا الإسناد فيه نظر ، وهاك البيان :• وراق دواد هو : الحسين بن عبدالله بن شاكر ، أبو علي السَّمَرْقَنْدِيّ .قال عنه الإدْرِيسي : كان فاضلاً ثقة ، كثير الحديث ، حسن الرواية .
وقال الدار قطني : ضعيف .
قلتُ : الإدريسي اسمه عبدالرحمن بن محمد بن محمد بن عبدالله الإدريسي الإسْتِرباذي وهو مع جلالة قدره وثقته ليس معروفاً في النقد كالإمام الكبير الدارقطني صاحب أحفل كتاب في " العلل " ، فكلامه هو المقدم .
ومما يدل على ضعفه ما جاء في " لسان الميزان " (2/ 537ـ 538) :
" وقد أخرج أبو عوانة في " صحيحة " عن مسرور بن نوح ، عن إبراهيم بن المنذر ، عن عبدالرحمن بن المغيرة ، عن مالك ، عن مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، عن بُسر بن سعيد ، عن أبي سعيد عن أبي موسى في " الاستئذان " وقال : تفرد به مسرور بن نوح .
وأخرجه الدارقُطْني في " الغرائب " عن محمد بن جعفر المطيري ، عن الحسين بن عبدالله بن شاكر السَّمَرْقَنْدِي ، عن إبراهيم بن المنذر فيقال :إن الحسين سرقه من مسرور .
وأخرج أبو موسى المديني في كتابه " النَضْح الجلي " ، عن الشافعي من طريق الحسين بن عبدالله عن أبي بكر الأثرم ، عن أحمد حكاية فيها أن أحمد قال : كنت أجالسه يعني الشافعي هنا كثيراً ، فلما قدم مصر تغير وجاء بالتأويل والرأي . وقال الحسين بن عبدالله : لا أعرفه والثابت عن أحمد خلاف ذلك رواه ابن أبي حاتم عن ابن وارة ، عن أحمد أنه أمره بكتب الشافعي ، فأظن أنه السمرقندي المذكور ، وإلا فهو آخر مجهول " .
( تاريخ بغداد : 8/ 58 ـ 59 ، تاريخ دمشق : 14/ 86ـ 88 ، المغني في الضعفاء : 1/ 255 ، لسان الميزان : 2/ 537ـ 538 ) .
• أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة ، أبو بكر القاضي .قال أبو الحسن بن رزقويه : لم تر عيناي مثله .
وقال الخطيب البغدادي : كان من العلماء بالأحكام ، وعلوم القرآن ، والنحو ، والشعر ، وأيام الناس ، وتواريخ أصحاب الحديث ، وله مصنفات في أكثر ذلك .
وقال الدارقطني : كان متساهلاً ، وربما حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه ، وأهلكه العجب فإنه كان يختار ولا يضع لأحد من العلماء الأئمة أصلاً .
قال أبوعبدالرحمن : فمن كان هذا حاله فينبغي أخذ الحيطة والحذر من مروياته وعدم التعويل عليه في ذلك لا سيما فيما يحكيه عن الأئمة الكبار .
وقال أبو سعد : كان جريري المذهب .
قلتُ : أي نسبة إلى مذهب الإمام العظيم ابن جرير الطبري صاحب التفسير .
قال أبو الحسن : بل خالفه واختار لنفسه وأملى كتاباً في السير وتكلم على الأخبار .
( تاريخ بغداد : 4/ 358ـ 359) .
• محمد بن حُمَيْد، أبو بكر اللخمي الخزَّاز .قال عنه الأزهري : كان ثقة .
وقال عنه مرة : كان ضعيفاً .
( تاريخ بغداد : 2/ 265ـ 266) .
• الأزهري هو : عُبيدالله بنُ أحمد بن عثمان ، أبو القاسم الأَزْهري البغدادي الصَّيْرفي ، ابنُ السَّوَادي ، وهو عبيدالله بنُ أبي الفتح .قال عنه الخطيب : كان أحد المكثرين من الحديث كتابةً وسماعاً ، ومن المعنيين به ، والجامعين له ، مع صدق وأمانة ، وصحة واستقامة ، وسلامة مذهب ، وحسن معتقد ودوام درس للقرآن ، وسمعنا منه المصنفات الكبار ، والكتب الطوال .
قال الذهبي : المحدثُ الحجَّةُ المُقرىء ... كان من بحور الرواية .
( تاريخ بغداد : 10/ 358 ، المنتظم : 15/ 290 ـ 291 ، سير أعلام النبلاء : 17/ 578 ) .
قال أبوعبدالرحمن : بعد هذا يتضح ليّ ضعف هذا الإسناد ، وأنه لا تقوم بمثله الحجة وبالله تعالى التوفيق .
قلت : وعلى افتراض صحة ذلك عن داود " كأنه يريد بالذي في أيدي الناس ما يتلونه بألسنتهم ويكتبونه بايديهم ، ولا شك أن المداد والورق والكاتب والتالي وصوته كل مخلوق ، وأما كلام الله سبحانه وتعالى فإنه غير مخلوق قطعا