هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 رحلات ابن حزم وتنقلاته وأثرها على تفكيره

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
دكتور عبدالباقى السيد
مدير المنتدى
مدير المنتدى



عدد المساهمات : 1147
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
العمر : 48

رحلات ابن حزم وتنقلاته وأثرها على تفكيره  Empty
مُساهمةموضوع: رحلات ابن حزم وتنقلاته وأثرها على تفكيره    رحلات ابن حزم وتنقلاته وأثرها على تفكيره  Icon_minitime1الأربعاء أكتوبر 27, 2010 9:40 pm

أثرت الرحلات تاثيرا قويا على فكر ابن حزم وثقافته ، وقبل الشروع فى الحديث عن ذلك لابد من تناول اسباب الرحلة بالنسبة للعلماء ، لنقف على الاسباب التى دفعت ابن حزم لها هل هى اسباب طبيعية كغيره من العلماء أم أنه كان منفردا حتى فى رحلاته وتنقلاته ، وتتمثل هذه الاسباب فى الآتى :-
أولا : اتساع الدولة الإسلامية التى امتدت من الصين شرقا إلى المحيط الأطلنطى غربا .
ثانيا : وصف الأقاليم والعناية بها ، والتى اعتبرت جزءا من أخبار الفتوح والمغازى . تمهيدا لتطبيق أحكام الشريعة وتسهيلا لمهمة الولاة .
ثالثا : الارتحال لجمع الحديث من أقوال الرواة والنقلة .
رابعا : الباعث الدينى المتمثل فى تأدية فريضة الحج ببيت الله الحرام ، حيث يلتقى الحاج بمعظم علماء وفقهاء الأمصار .
خامسا : الباعث الاقتصادى المتمثل فى التجارة التى يجنى الرحالة من ورائها النفع والكسب المادى ( 1) .
وبالنظر إلى هذه الأسباب ورحلات ابن حزم نجده لم يكن فيها خاضعا لهذه الأسباب . حتى الباعث الدينى نفسه لم يتحقق لديه بالخروج إلى بيت الله الحرام وقصده بالحج . ولاشك أن ذلك راجع إلى الظروف القاسية التى أحاطت به من اضطهاد وتنكيب سياسى ومصادرة لفكره وآرائه . ومع ذلك فلا يمكن التصديق بأن ابن حزم لم يسقط هذا الفرض عن نفسه بتأديته . فلعله أناب من يضطلع به عنه خاصة وهو صاحب الرأى القائل بأن من وجد من يطيعه فيحج عنه ويعتمر بأجرة أو بغير أجرة فقد استطاع السبيل الذى يجب به الحج ، فى حين أن المالكية لم يروا ذلك استطاعة ولم يوجبوا بذلك حجا (2 )

لقد كانت رحلات ابن حزم إجبارية نتيجة لظروف سياسية ولم تكن بإرادته ، وبالرغم من ذلك فقد حاول ان يستغلها لصالحه وكأنها اختيارية ، ومن ثم أفادته كثيرا فى التعرف على ثقافات جديدة وعلماء جدد وأسلوب جديد فى الجدل والمعيشة ، وهو نفسه يعترف بأسر هذه الرحلات أو قل النكبات السياسية على كثرة مؤلفاته وسيلان ذهنه بقوله " وما ألفنا كتابنا هذا - يعنى التقريب لحد المنطق – وكثيرا من كتبنا إلا ونحن مغربون مبعدون عن الوطن والأهل والولد مخافون مع ذلك فى أنفسنا ظلما وعدوانا لا نسر هذا بل نعلنه " (3 )

وتجدر الإشارة بداية إلى أن رحلات ابن حزم وتنقلاته كانت كلها بين مدن الأندلي ولم يغادرها إلى سواها ، ومن ثم فما ذهب إليه البعض بأنه غادرها إلى القيروان معتمدين فى ذلك على نص أورده ابن حزم فى الطوق قائلا : " ولقد سألنى يوما أبوعبدالله بن كليب القيروانى من أهل القيروان أيام كونى بالمدينة " ( 4) فهو خطأ من وجهين :-
الأول : أن كلمة المدينة فى هذا النص تحريف من الناسخ وأصلها المرية ، وقد تدارك بعض محققى الطوق هذا الأمر وصححا هذا التحريف (5 )
الثانى : أن الكلمة لو كانت المدينة وليست المرية فالمقصود بها قرطبة ، وقد قرر ابن حزم ذلك بقوله " وكان من ولد عبادة بن الصامت قوم يسكنون بالمدينة بباب العطارين عندنا بقرطبة " (6 ) ، ومن ذلك نقرر أن المواطن القرطبى إذا استخدم كلمة المدينة دون تحديد فالمقصود بها قرطبة .

لقد كانت أول رحلة لابن حزم خارج قرطبة مسقط رأسه إلى المرية Almeria سنة 404هـ/1013م ( 7) ، ويرجع ذلك إلى طبيعة الحياة الفكرية بها إذ أنها كانت مركزا للجدل والمناظرات بين الفرق الإسلامية وغيرها ، وابن حزم فى ذلك الوقت كان مغرما بالجدل ، وليس أدل على ذلك من منازلته لأعلم اليهود وأجدلهم فى نفس السنة التى رحل فيها إلى المرية كما أسلفنا القول ، ومن ثم فقد كانت المرية أكثر مدن الأندلس ملاءمة لميوله الفكرية ومتعته العقلية فى تلك المرحلة ، أضف إلى ذلك نزعته الأموية التى وجدت إشباعا لها بالمرية ، لما كان يظهره خيران صاحبها من الميل لبنى أمية فى بادىء أمره .

وفى سنة 407هـ/1016م خرج ابن حزم من المرية إلى حصن القصر Aznalcaza على سبيل التغريب بعد اعتقاله على يد خيران ، بسبب ما نقل إليه بأنه يسعى للقيام بالدعوة الأموية ، وفى سنة 408هـ/1017م ترك حصن القصر إلى بلنسية بعد أن اكتسب ثقافة جديدة ووطد صلته بأهلها (8 ) ، ويرجع اتجاهه لبلنسية إلى سيطرة النزعة الأموية عليها مثلها فى ذلك مثل شاطبة Gativa والبونت ، التى جذبته إليها باعتباره أحد الدعة النشطين والموالين لبنى أمية ، ويبدو أن ذلك هو السبب أيضا فى هجرته لشاطبة والبونت ، فى نفس السنة نراه يغادر بلنسية إلى غرناطة للمشاركة فى صفوف المقاتلين مع عبدالرحمن المرتضى ، ثم رجع إلى قرطبة سنة 409هـ/1019م ( 9) ، ويبدو أن سبب ذلك هو على بن حمود الذى كان السبب فى اعتقاله على يد خيران ، فلما تولى بعده أخوه القاسم بن حمود الذى كان وادعا حيث أمن الناس فى عهده ، آثر ابن حزم أن يعود إلى قرطبة مسقط رأسه ( 10) ، وبعد ذلك نراه فى شاطبة حيث قص علينا محاربة مجاهد صاحب الجزائر الشرقية لخيران صاحب المرية ، وكان ذلك سنة 417هـ/1026م ، ويبدو أنه استوطنها قبل هذا التاريخ ، وظل بها حتى سنة 418هـ/1027م ، وهى السنة التى صنف فيها طوق الحمامة أو التى قبلها ( 11) ، وفى سنة 422هـ/1030م أو بعدها بقليل اتجه إلى قلعة البونت فى عهد صاحبها محمد بن عبدالله بن القاسم ، وكانت لهذه الرحلة أثر عليه فى تزويده بطرق وأساليب جديدة فى التعامل مع أصناف العلوم المختلفة كالتاريخ والحديث والفقه واللغة والبلاغة والشعر وغيرها ، كما أنها منحته الفرصة للإسهام فى تخليد ذكرى علماء الأندلس ومآثر بلدهم . حيث صنف رسالته فى فضل الأندلس بهذه القلعة بناء على رغبة صاحبها كما سبق .

وبعد ذلك اتجه ابن حزم إلى الثغر الأعلى حيث التقى بشيخه أحمد بن محمد الطلمنكى وروى عنه مسند البزار ، واستفاد منه فى الحديث ، وبعض المسائل الخلافية فى الفقه خاصة حكم من مات من أطفال المسلمين والمشركين قبل البلوغ ( 12) ، ويمكن أن نجعل هذه الرحلة قبل سنة 429هـ/1037م ، وهى السنة التى توفى فيها شيخه الطلمنكى ، ونعرف منه أنه رحل إلى مدينة بجاية وأدرك بها إسماعيل الرعينى زعيم مذهب ابن مسرة فى عصره ، واستفاد من ذلك الكثير عن المعتزلة ومبادئها ( 13) ، وبعد سنة 430هـ/1038م نرى ابن حزم يحل بجزيرة ميورقة بدعوة من حاكمها أحمد بن رشيق وكانت هذه الرحلة من أعظم رحلاته ، إذ أن حاكم ميورقة أمنه على تحصيل كل ما يريده من العلوم ونشرها ، خاصة الفقه الظاهرى ، ومن ثم يمكن اعتبارها نقطة الانطلاقة الكبرى للمذهب الظاهرى فى حياة ابن حزم . كما أن عصر الموحدين كان نقطة الانطلاقة له بعد وفاته ، وبعد وفاة أحمد بن رشيق سنة 440هـ/1048م غادر ابن حزم ميورقة إلى أشبيلية وذلك لاجتماع المالكية عليه بعد أن حل أبوالوليد الباجى إلى ميورقة ، وانعدام النصير والمؤيد له ، ولا ندرى ما الداعى وراء حلوله بأشبيلية هل كان بها بهض أصحابه ، أم كان ذلك بدعوة من بعض أهلها ، أم أنها كانت محاولة منه لنشر فكره ومذهبه ، فالمصادر لم تمدنا بمعلومات عن ذلك . بيد أن الواضح للعيان أنه وقع عليه فيها أقصى ما يوقع بالعالم ، إذ أحرقت كتبه علانية بتحريض الفقهاء للمعتضد بن عباد حاكمها . لمهاجمته إياهم ومعارضته لأصول مذهبهم المالكى ( 14) ، وفى آخر عمره نراه يتجه إلى لبلة بعد أن شعر بالحنين تجاهها وهو فى سن الشيخوخة ، وظل بها إلى أن وافاه الأجل سنة 456هـ/1063م ( 15)
وهكذا فقد كانت لهذه التنقلات دورا هاما فى إكساب ابن حزم خبرات علمية ظهرت فى كتابته بصورة جلية ما كان له أن يكتسبها لولا أنه خاض غمارها ، فقد تعرف على أصول المعتزلة ومبادئها فى كل من المرية وبجاية ، وصنف طوق الحمامة بشاطبة والذى ترك أثرا واضحا فى الأدب العربى والإنسانى بصفة عامة ، وكتب رسالته فى فضل الأندلس بقلعة البونت ، والتى تعتبر وصفا للحركة الفكرية بالأندلس فى عصره ، وتشكلت أفكاره فى الملل والنحل ، ومن ثم اتجه لتصنيف كتابه الموسوعى الفصل فى الملل والأهواء والنحل ، والذى بدأه بقرطبة بعد سنة 418هـ/1027م . وكتاب الأصول والفروع الذى صنفه سنة 420هـ/1029م (16 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) أحمد رمضان ، الرحلة والرحالة المسلمون ، دار البيان العربى ، جدة ، ( د.ت ) ، ص7-14 .
(2 ) أنظر : المحلى ، 5/27 مسألة 815 .
( 3) أنظر : التقريب لحد المنطق ، رسائل 4/346 ، 347 .
( 4) أنظر : ص114 ؛ زكريا إبراهيم ، ابن حزم ، ص39 ؛ محمد أبوزهرة ، ابن حزم ، ص49 .
(5 ) أنظر تحقيق الطاهر مكى ، ص114 ؛ إحسان عباس ، مقدمة رسائل ابن حزم ، 1/35 .
(6 ) أنظر : جمهرة أنساب العرب ، ص354 .
(7 ) ابن حزم ، طوق الحمامة ، ص247،259 .
(8 ) ابن حزم ، طوق الحمامة ، ص247، 259 ، 261 .
( 9نفسه ، ص247،261 ، ، وشاطبة حصن من حصون مدينة بلنسية تقع شرقى قرطبة أنظر ، ابن غالب ، فرحة الأنفس ، ص285 .
( 10) ابن حزم ، ذكر أوقات الأمراء ، رسائل 2/200 .
( 11) ابن حزم ، طوق الحمامة ، ص190 ؛ وانظر Asin placios , Abenhazam ,T.1 P.77
(12) ابن حزم ، الفصل ، 2/388 .
(13) نفسه ، 2/390 .
(14 ) محمد أبوزهرة ، ابن حزم ، ص546 ؛ وانظر سعيد الأفغانى ، ابن حزم ، ص68،69 .
(15 ) ابن سعيد ، المغرب ، 1/355 . وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن ابن حزم أقام بلبلة خمسا وعشرين سنة حتى وفاته . أنظر حسين مؤنس ، الحكومة الأسبانية والهيئات العلمية العربية والأوربية تحتفل بالذكرى المئوية التاسعة لوفاة ابن حزم ، مقال بمجلة العربى ، ربيع أول 1383هـ/أغسطس 1963م ، عدد 57 ، ص22 . وهذا ليس بصحيح لأن معنى ذلك أن ابن حزم رحل إلى لبلة سنة 431هـ/1039م ، وهو لم يغادر ميورقة إلا بعد سنة 440هـ/1048م ، ومنها اتجه لإشبيلية ثم إلى لبلة حيث بقى بقريته منت ليشم حتى وافاه الأجل .
( 16) أنظر ، الفصل ، 1/28 ؛ الأصول والفروع ، ص210 .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alhadyalzahry.yoo7.com/index.htm?sid=c2228a5c38d098018d4d
 
رحلات ابن حزم وتنقلاته وأثرها على تفكيره
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الرسمى للدكتور عبدالباقى السيد عبدالهادى :: أخبار الدكتور عبدالباقى وإنتاجه العلمى :: المقالات والردود-
انتقل الى: