هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 الجذور التاريخية للتغلغل الشيعي في كردستان د. فرست مرعي الدهوكي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
دكتور عبدالباقى السيد
مدير المنتدى
مدير المنتدى



عدد المساهمات : 1147
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
العمر : 48

الجذور التاريخية للتغلغل الشيعي في كردستان د. فرست مرعي الدهوكي  Empty
مُساهمةموضوع: الجذور التاريخية للتغلغل الشيعي في كردستان د. فرست مرعي الدهوكي    الجذور التاريخية للتغلغل الشيعي في كردستان د. فرست مرعي الدهوكي  Icon_minitime1السبت نوفمبر 13, 2010 8:21 pm

*تمهيد:
مما لا شك فيه أن أول اتصال جرى بين المسلمين الفاتحين والكرد كان في سنة 16هـ/637م في عهد الخليفةالراشد عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وما بعدها؛ عندما استطاعت الجيوش الإسلاميةالانتصار على الجيوش الفارسية الساسانية في معارك القادسية وجلولاء ونهاوند (فتح الفتوح)؛ حيث كان من نتائجها وصول المسلمين الفاتحين إلى المنطقة الكردية، وحصل آنذاك أول احتكاك معهم؛ حيث كانوا يعتنقون آنذاك عدة ديانات ومذاهب: (المجوسيةوالمذاهب الملحقة بها ـ الزرادشتية والمانوية والميثرائية والمزدكية ـ، والنصرانية،واليهودية)، ومن ذلك الوقـت ولعدة سنـوات بـدأ الكـرد يدخـلون في ديـن الإسلامأفواجاً. وفي غضـون عقـود قلـيلة بـدأت عمـلية أسلمة المجـتمع الكردي تمشي على قدم وساق؛ لملائمة الإسلام فطرة الكرد، ولسهولته وسماحته عكس التعقيدات، وصعوبة الطقوس التعبّدية في دياناتهم القديمة التي أثقلت كاهل الكرد. ولم تمضِ سنوات حتى كان غالبية المجتمع الكردي قد أسلم. وأما الروايات والتقاليد الشفهية التي تؤكد وجودتجمّعات زرادشتية داخل المناطق الكردية بعد الفتح الإسلامي بعدّة قرون، وتحديداً فيمنطقة (هورامان) الواقعة حالياً على الحدود العراقية الإيرانية جنوب شرق مدينةالسليمانية؛ فيبدو أن تلك التجمّعات كانت من القلّة بحيث لا تؤثر على مجمل التحولات الدينية والسياسية والاجتماعية التي سادت هذا الجزء القصيّ والوعر من بلادالكرد.
- انتشار التشيّع بين كرد (لورستان):
يبدو أن اعتناق الكرد مذهب التشيّع قد حدث في القـرون المـتـأخـرة؛حيــث إنالتشـيّع لم يتحول إلى فرقة أو طائفة إلا بعد القرن الثالث الهجري، وأخـذشكله وطبيعته البنيوية الخاصة به في العصر البويهي وما تلاه؛ حيث كُتبت في هذهالفترة المصنفات الحديثية الأربعة لدهاقنة التشيّع، فضلاً أنّ الكُليني، صاحب كتاب (الكافي)، رتّب مع آخرين ممن يُدعون (سفراء المهدي المنتظر) كالخلاني وغيـره؛الغيبَتين الصغرى والكبرى، التي كانـت في ســنة 329 هـ بعـد وفاة الكليني بسنةواحدة؛ مما أدّى إلى بروز هذا الجانب الاعتقادي. وأخذت الإضافات تأتي عليه تترى من قِبَل ما يُسمَّون بعلماء القوم إلى أن اكتملت صورته في العصر الصفوي في القرن التاسع الهجري (السادس عشر الميلادي)، وظهر إلى الوجود لأول مرة كيان شيعي في ظل دولة تطبِّقه تحت شعار (وكالة الإمام المهدي). وفُرض اعتناق هذا المذهب على سكان الهضبة الإيرانية بالقوة والقسوة الشديدة باعتراف المؤرخين الإيرانيين، وتمَّ إضافةطقوس عديدة عليه؛ كالسجود على التربة الحسينية، وتعظيم الشاهات (الملوك الصفويين) بالسجود، فضلاً عن إضافة الشهادة الثالثة (أشهد أن علياً وليّ الله)، إلى أن وصل الأمر وبعد تراكمات عديدة أن أصبح ديناً بالمفهوم التقليدي، وعلى خلاف تام في العديد من الاعتقادات والشعائر عن المذهب السّنّي السائد آنذاك في الدولة العثمانيةوالدولة المغولية في الجانبين الشرقي والغربي من الهضبة الإيرانية.
ومماتجدر الإشارة إليه أن أحد الباحثين الكرد يعتقد أن تشيّع الكرد يرجع إلى أيام الإمارة الحسنوية التي كانت تحكم الأجزاء الجنوبية الشرقية من كردستان في الجانبينالإيراني والعراقي في العصر البويهي؛ وتحديداً ما بعد سنة 350 هـ. ويستنتج الباحث المذكور تشيّع الأمير بدر بن حسنويه البرزيكاني وقبيلته البرزيكان الكردية من أمريناثنين: الأول: دفنه في ظاهر الكوفة (النجف حالياً) من قِبَل الزعيم الكردي المناوئله الحسين بن مسعود الكردي(1)، بعد أن قتله أتباعه الكرد من أبناء قبيلةالكوران(2)؛ حيث يبدو واضحاً أن الأشخاص الذين يُدفنون في النجف بالقرب من المشهدالمنسوب إلى الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب(3) ـ رضي الله عنه ـ يعتبرون منالشيعة؛ ولكن مع هذا توجد حالات تنسب إلى أشخاص دفنوا في النجف وهم ينتسبون إلى أهلالسُّنّة(4). علماً أن الأمير بدراً لم يدفن بناءً على طلبه أو طلب أسرته؛ بل دفنحسب أوامر خصمه حسين بن مسعود الكردي(5)!!
والأمر الثاني الذي استند إليه الباحث المذكور في تشيّع بدر بن حسنويه وعشيرته البرزيكان هو قوله: «إن قبيلةالبرزيكان كانت تعتنق المذهب الشيعي، وخاصة أن سكان هذه القبيلة في إقليم لورستانالذي يعتنق معظم القاطنين فيه هذا المذهب(1)، ثم إن البرزيكان كانوا يعيشون متجاورين ومتداخلين مع طوائف شيعية أخرى كاللورستان والكوران»(2).
ويبدو أن الباحث لم يستند إلى مصادر بعينها، سواء أكانت عربية أو فارسية، في إثبات شيعيّةمنطقة تمركز عشــيرة البرزيـكـان والأنــحاء المجـاورة لها في إقليـم الجبـال ـكردستان ولورستان حالياً ـ؛ وإنما اعتمد على الحدس والتخمين القائمَيْن علىالعاطفة، علماً أنه كان هناك بؤر شيعية متعددة في إقليم الجبال؛ ولكن لم يكنانتشارها واسعاً بحيث تغطي المنطقة؛ فقد ذكـر ياقــوت الحمـوي(3) فـي هـذا الصـددأن التشيّع قد انتشر فـي مديـنة (قم) فـي وقـت مبـكر (سنة 83 هـ/702م). ويقـولالأصطخري(4): إن أهـل (قم) كلــهم شـيعـة. بينـما يقـول القزويـني(5): إن أهـل بلـدة (آبه) الواقعة على طريق بغداد ـ همدان ـ شيعة غلاة جداً، إلى جانب تمركزهم في الكوفة والجزء الغربي من بغداد (الكرخ) وأجزاء أخرى من العالم الإسلامي(6).
ومما يدل على أن الأمير الكردي بدراً ابن حسنويه لم يكن شيعياًأن المصادر السُّنّية المعروفة؛ كالمنتظم لابن الجوزي والبدايـة والنـهاية لابن كثير الدمشقي، كانت تكيل المديح له، ولو كان شيعياً لكان الأمر عكس ذلك؛ ولعل ذلك نكاية بخصمه!
-نشاط الدعاة العبيديين (المتقدمين):
النشاط الذي بدأه دعاة المذهب الإسماعيلي اعتباراً منسنة 260هـ/ 873 م حسب رواية المسعودي(7)، والجهود الحثيثة التي قام بها أئمة الشيعةالزيدية المعروفين بالدعاة لتأسيس كيان سياسي لهم في إقليم طبرستان جنوب بحر الخزر (قزوين) ابتداءً من سنة 250هـ/ 864 م وانتهاءً بسنة 316هـ/ 928م(8 )كل ما سبق أدّىدون شك إلى حدوث خلل بنيوي في مرتكزات أهل السُّنّة والجماعة تمخّض عن إدخال مناطق عديدة ضمن النطاق الشيعي بعد أن كانت حكراً على المذاهب السنّية. وقد حرص القادةالعبيديون (الفاطميون) في مصر على استثمار كل الجهود من أجل نشر أفكارهم عن طريق إرسال الدعاة؛ فها هو المعز العبيدي (ت: 365هـ/975م)(9) يقول في خطاب له إلى الحسن القرمطي: «ومع هذا فما من جزيرة في الأرض ولا إقليم إلا ولنا فيه حجج ودعاة إلينايدلّون علينا بتصاريف الألسن، وفي كل جزيرة وإقليم رجالٌ؛ منهم يفقهون وعنهميأخذون...»(10).
وقد أشار الوزير السلجوقي نظام الملك(11) إلى نشاط الباطنيةوكيفية ظهورهم، بأن عبد الله بن ميمون كان يدعو الناس إلى هـذا المذهـب في قوهسـتانالعراق (إقلـيم الجبال ـ كردستان ولورستان الحالية)، وأنه استخلف رجلاً يدعى خلفاً(1)، قال له: «امضِ إلى جانب الري ـ بالقرب من طهران الحالية ـ، وادعُ إلىالشيعة؛ فالناس في الري وقم وكاشان رافضة كلهم، وسيستجيبون لدعوتك بسرعة؛ فيعظمأمرك هناك ويعلو شأنك»(2).
ومن جانب آخر فإن النفوذ العبيدي (الفاطمي) قدزاد في أقاليم الدولة العباسية؛ نتيجة تشجيع البويهيين المذهب الشيعي الذي يدينونبه، وهذا ما سهل إلى حدٍّ كبير مهمة الداعية العبيدي (موسى بن عمران الشيرازي) والدالمؤيد الذي كان حُجةَ فارس ـ سفيرٌ إسماعيليٌ سرّيٌّ ـ أيام الوزير أبي غالبالواسطي وزير بهاء الدولة وسلطان الدولة، وقد تمتّع هذا الداعية العبيدي بمكانةسامية، حتى إن الوزير (فخر الملك) زاره أكثر من مرة في منـزله، وفيما بعد خلفه فيمنصبه حجة فارس ابنه (هبة الله الشيرازي) الذي اتخذ لقب المؤيد لدينالله(3).
وقد تمكّن (هبة الله الشيرازي) من إدخال الأمير البويهي أبيكاليجار (415 ـ 440هـ/1024 ـ 1048م) في الدعوة الإسماعيلية(4) بعد أن لقّنه أصولها؛نظراً للتقارب الأيديولوجي بين الجانبين؛ حيث يقول في هذا الصدد: «كنت كل ليلة جمعةأمكث عنده إلى أن يمضي هزيع الليل، وهو يسألني عما يهجس في نفسه، وكنت أجيب عنهجواباً يظهر أثر تباشير الفرح في وجهه، وأسأله: كيف وقع هذا الجواب منك؟ فربما حركرأسه يعني أنه جيد، فلا أرضى دون أن أقرره بلسانه أنه ما دخل في مسامعه مثله»(5).
والدلـيـل على دخـول أبي كاليجار في الإسـماعــيلـيـة ما ذكره في رسالته الجوابية إلى هبة الله: «إني سلمت نفسي وديني إليك، إنني راضٍ بجملة ما أنت عليه»(6).
وكان نشاط الدعاة العبيديين في العراق وفارس ـ جنوب إيران ـ، إلى جانب رسائل إخوان الصفا(7) في البصرة، والنشاط الصوفي المكثف الذي امتزج بالفلسفة(حتى سمّاهم الغزالي (الصوفية المتفلسفة)(9) وتقاربها مع الشيعة على أساس وجود مبادئ متشابهة؛ حيث تتقارب شخصية علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـالشيعية والصوفية في موضوع التقديس الغالي للأشخاص فضلاً عن الأبوة العضويةوالروحية للطرفين؛ كل ذلك قد مهّد الأرضية المناسبة لظهور حركات الغلو الباطنيةالممزوجة بالتشيّع والتصـوّف الفلسـفي تحـت مسـميات متـعـددة، كـ: الحروفية (1)،والبابية(2)، والبكتاشية(3)، والمشعشعية(4)، ولا سيما أن قضاء المغول على الخلافةالعباسية سمح للصـوفية بتطويـر عقائدهم والسير بها خطوات أخرى؛ حيـث أعرضـوا عن الحل الجزئي لتحلّ محلّه فكرة الاتحاد المطلق مع الله ـ جلّ جلاله ـ الذي يُعنى به (وحدة الوجود).
أمـا الجانب الشـيعي فتمَّ الاعتراف بهم كمذهب رسمي للـدولـةفـي عهـد سلـطـانـهـم (أولـجـايــتو خـدابـنـده) سنة 709هـ/1309م، وهـذا ما أدَّى إلى أن تكتسح أفكار هـؤلاء مسـاحـات واسـعـة مـن أقاليم المشرق الإسلامي؛ كـ: خـوزستـان (عربسـتان)، وفـارس، والجـبال (كردستان ولورســتان الحالية)، وأذربيجان،وطبرستان. وهذا ما سهل مهمة الدعوة الصفوية(5)؛ حيث ابتدع لها الأرضية المناسبةلانتشار مثل هذه الأفكار والأطروحات الغالية البعيدة عن أسس ومرتكزات الإسلامالصحيـح الذي دعـا إليه سيد المرسلين نبينـا محمـد بن عبد الله ـ عليه الصــلاةوالسلام ـ والتي قادها الشاه إسماعيل الصفوي(6) (893 ـ 931 هـ/1487 ـ 1524م) الذي فرض التشيّع بالقـوة والقسـوة الشـديـدة(7)، حتـى أصبـحت غالبية أقاليم إيران شيعيةابتداءً من سنة 908هـ/1502م، وهذا ما انعكـس على الأقاليم التي يسكنها الكرد؛ حيثدخل بعضهم في التشيّع(. وهم قلّة لا يتجاوزون خُمسَ عدد الكرد في الوقتالحاضر.
- الدوافع غير المباشرة لتشيّع بعض الكرد:
مهما يكن من أمر؛ فإن هناك عدة دوافع أخرى حَدَتْ ببعض القبائل والتجمعات الكردية في الجزء الجنوبي الشرقي من كردستان إلى اعتناق التشيّع وجعله مذهباً لهم، وتوزعـهم على عدة فرق تبعاً لانقسام التشيّع إلى مجموعات، كـ: التشيّع الإثني عشري (الجعفري) ـ في كردستان العراق وإيران ـ، والنصيري (العلوي) ـفي كردستان تركيا ـ، والعلي إلهية ـ في كردستان إيران ـ، وأهل الحق والكاكائيةوالصارلية ـ في كردستان العراق ـ، وغيرهم. ومن هذه الدوافع:
1 ـالحملات العسكرية الغاشمة التي بدأها الشاه إسماعيل الصفوي (1502 ـ 1524م) عندما جعل نصب عينيه تشيّع سكان الهضبة الإيرانية بالقوة، وكان مننتائجها أن دخلت بعض هذه التجمّعات الكردية في التشيّع.
2 ـوجود العديد من المعابد الزرادشتية والمذاهب المجوسية الأخرى في المنطقةوانعكاسها على العادات والتقاليد الكردية؛ مما أدَّى إلى ضعف الوازع الإسلامي عندهؤلاء الكرد الساكنين في هذه المناطق؛ فمجرد وصول فكرةٍ ما، لا سيما إذا كانت مشفوعة بقوة السلاح، فلا غرو أن يعتنق هؤلاء الفكرة الجديدة.
3 ـوجود تركّز يهودي قديم في هذه المنطقة (محافظتي كرمنشاه وعيلام حالياً) وسط غرب إيران، يرجع إلى أيام السبي البابلي الذي قام به الملك الكلداني (نبوخذ نصّر) سنة 586 ق. م، وانتقال العديد من اليهود إلى هذه المنطقة بقصد التجارة وغيرها من أساليب العيش؛ مما ترك أثراً واضحاً في البنية الذهنيةوالاجتماعية لهذه التجمعات الكردية؛ حيث أشار إلى ذلك الرحالة المسلم (المقدسي) عندما ذكر وجود عدد كبير من اليهود في إقليم الجبال، وذكره أيضاً الرحالة والضابطالبريطاني (راولنسون) في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي عندما تطرق إلى العديد من الأسماء اليهودية لكُرد هذه المنطقة، مثل: داود، وسليمان، وإسحاق،وبنيامين.
4 ـوجود الإمارة المشعشعية في منطقةالأهوار (محافظتي العمارة والكوت في العراق حالياً) و (شمال الأهواز في إيران) المحاذية لإقليم لورستان الكردي، وقيام العديد من الدعاة العرب التابعين لهذه الإمارة بالدعاية للمذهب الشيعي بين أفراد القبائل الكردية، واستغلال مأساة أهل البيت للدعوة إلى التشيّع، وكيف أن هذه التراجيديا المصطنعة قد أثّرت في وجدان الكردي الذي عانى الظلم لقرون عديدة فوجد فيها عزاءً له من الجانب النفسي والديني،لا سيما أن المنطقة الكردية كانت قريبة من المراقد الشيعية، فضلاًً عن ذلك أن كتاب (بحار الأنوار) للعالم الشيعي (المجلسي الصفوي) كان له تأثير واضح في بناء ذهنيةجديدة عند الفرس والكرد والعرب الذين تشيّعوا؛ حيث يحوي العديد من الأحاديث الموضوعة التي تؤكد على أن الحج إلى ما يسمى بِـ (العتبات المقدسة الشيعية) في النجف، وكربلاء، والوران أفضل بعشرات المرات من الحج إلى الديار المقدسة في الحجاز! كما أن زيارة قبر الحسين ابن علي ـ رضي الله عنهما ـ يعادل سبعين إلى مئة مرة منالحج إلى مكة المكـرمـة! فلا عجب أن كان لـكل تلك الأمـور تـأثـير كبير في دخول الكرد البسطاء ـ آنذاك ـ في التشيّع، فضلاًً عـن سـمـاعـهـم بالجانب البطولي في سيرة أئمة أهل البيت ـ رضـوان الله عليهم ـ وتحـديداً الإمام عـلي بـن أبـي طـالـبـ رضي الله عنه ـ وسيفه البتّار (ذو الفقار).
ونستطيع أن نلخِّص الموضوع برمّته في أن دعاة الشيعة كانوا من الذكاء بحيث استطاعوا تحويل مأساة أهل البيت إلى تراجـيديا قفـزت فـوق التـاريخ الحقيقي والواقعي إلى ما يسمى بالميثولوجيا ـ ما فوق الطبيعة البشرية ـ التي استنبطوها إلى حدٍّ كبير من مأساة عيسى المسيح ـ عليهالسلام ـ، وكيف أن المدعوَّ بولس الرسول (شاؤول)؛ مبتكر فكرة ألوهية المسيح، حوَّل المسيح التاريخي إلى أسطوري! فكان الأمر بالنسبة لدهاقنة الشيعة على الشاكلة نفسها؛حيث تحول الحسين (التاريخي) إلى الحسين (الميثولوجي)! صاحب المعجزات والكرامات الخارقة، والعصمة من الخطأ؛ بل الخطيئة! والتي تُعدّ في نظر العديد من الباحثين،ومنهم الفيلسوف الفرنسي (كوربان)، استمراراً للنبوة الروحية، والتي تخالف في الكثيرمن مضامينها فكرة ختم النبوة والتوحيد الخالص؛ التي ترفض التقديس غير الموضوعي للرسـل والأنبـياء، فـضـلاً عـن شخـصـية الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ سيد شباب أهل الجنة.
-------------------
(*) مدير مركزالدراسات الكردية، جامعة دهوك.
(1) لم أعثر على ترجمة له في كتب التراجموالطبقات المتوفرة لديّ.
(2) الكوران: أحد الأقسام الأربعة التي يتكون منهاالشعب الكردي حسب رواية الشرفنامة، انظر: (البدليسي: الشرفنامة، 20). بينما خرج أحدالباحثين الكرد من كلمة كوران بمعنيين، الأول: بمعنى الفلاح أو المزارع، والثاني: اسم لعشيرة تعيش في القسم الشرقي من زهاو على الجانب الإيراني المحاذي للحدودالعراقية الشرقية.
(3) يذكر المقدسي أن الناس اختلفوا في مكان دفن الخليفةعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ على عدة أقوال. انظر: (المقدسي: المطهر بن طاهر: كتاب البدء والتاريخ، بيروت، دار صادر، عن نسخة مصورة صادرة عن باريس سنة 1899م،ج5، ص 233).
(4) الفاروقي، أحمد بن يوسف بن علي بن الأزرق: تاريخ الفاروقي،تحقيق: بدوي عبد اللطيف، بيروت، 1974م، ص 139 ـ 140.
(5) خواندمير، غياثالدين بن هام الدين الحسني: تاريخ حبيب السير في أخبار أفراد بشر (باللغةالفارسية)، تهران جابخانة، حيدري 1333 شمسي 1955م، 2/439. مجمل التواريخ والقصص، 401.
(1) هذا الادّعاء صحيح في الوقت الحاضر، فَجُلُّ سكان هذا الإقليمالإيراني من الشيعة الإثني عشرية والغلاة، ومنهم العلي إلهية الذين يعدون علياً ابنأبي طالب إلهاً لهـم، مثلـهم في ذلك مثــل النصـيرية (العـلويـة) والإسـماعيليةوالبهرة والآغاخـانية، أما في القرنين الرابع والخامس الهجريين فكانوا من أهلالسُّنّة بمذاهبهم المختلفة.
(2) النقشبندي: الكرد في الدينور، 168، هامش (1).
(3) معجم البلدان: 4/397، 398.
(4) مسالك الممالك: 119، ابنحوقل: كتاب صورة الأرض.
(5) آثار البلاد، 283. وآبه: بلدة تقع قرب ساوة شرقمدينة همدان.
(6) النجاشي، أحمد بن علي بن أحمد: كتاب الرجال، 2/423. وممايجدر ذكره أن أهل قاشان (كاشان) شيعة إمامية غلاة جداً، انظر: (القزويني: آثارالبلاد، 432).
(7) التنبيه والإشراف، 395.
(8 ) المقدسي: أحسنالتقاسيم، 367.
(9) المعز العبيدي: رابع الخلفاء العبيديين، خلف أباه عام 341هـ/953م.
(10) المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي: اتعاظ الحنفا بأخبارالملوك الخلفا، القاهرة 1948م، تحقيق: الدكتور جمال الدين الشيال،ص260.
(11) نظام الملك: قوام الدين أبو علي الحسن بن إسحاق الطوسي، كانوزيراً للسلطان السلجوقي ألب أرسلان ثم لابنه ملك شاه، انظر: (الذهبي: سير أعلامالنبلاء، 2/449).
(1) هـو خـلف الحلاج الـذي كان صـاحب محـلـجة قطـن. انظر: (جـمـال الـديـن، محـمـود السـعيـد: دولة الإسـماعيـليـة في إيران، القاهرة، مؤسسةسجل العرب 1975، ص 44).
(2) نظام الملك، الطوسي: سياسة نامة (سير الملوك)، 233.
(3) وُلد المؤيد في شيراز سنة 390هـ/999م، وأخذ عن والده موسى علومالدعوة العبيدية (الفاطمية)، كما شاهد في صباه أحمد حميد الدين الكرماني كبير دعاةالخليفة العبيدي (الفاطمي). انظر: (سرور: تاريخ الدولة الفاطمية، 324 هامش 4).
(4) وفاء محمد علي: الخلافة العباسية في عهد تسلط البويهيين،الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 1991م، ص77، نقلاً عن محمد حلمي أحمد: الخلافةوالدولة في العصر العباسي، ص182.
(5) هبة الله الشيرازي: مذكرات داعي دعاةالدولة الفاطمية، تحقيق: عارف تامر، بيروت، 1403هـ.
(6) هبة الله الشيرازي: المصدر السابق، ص 67.
(7) إخوان الصفا: لقب جماعة من المفكرين ذوي النـزعةالفلسفية، يعتقد أنهم من الشيعة الإسماعيلية، كان فكرهم مزيجاً من الفلسفةاليونانية وتعليمات من الديانات اليهودية والنصرانية والإسلام، تركوا عدة رسائل. للمزيد انظر: (كتاب: إخوان الصفا، غالب مصطفى، بيروت، دار مكتبة الهلال، 1979م،ص15).
(إن نظرية ابن عربي في وحدة الوجود لم تعتمد على مشرب صوفي، بقدرما كانت نظرية فلسفية في الوجود، وقد أخذ ابن عربي نظريته من رسائل إخوان الصفا،انظر: (عفيفي، أبو العلاء: مقالة: من أين استقصى ابن عربي فلسفته الصوفية؟ مجلةكلية الآداب، مايو 1933م، ص22 ـ 27).
(9) الغزالي: أبو حامد محمد بن محمد: رسالة معراج السالكين من فرائد اللآلئ، القاهرة، 1343هـ/1924م، ص 76.
(1) الحروفية: فرقة صوفية تقوم على أن الأصل في معرفة الله ـ تعالى ـ هو اللفظ، ويعبرعن المعاني بالحروف، وتتخذ العقيدة أصولها من قيم الحروف العددية ثم التصرفبالأرقام. ومؤسس هذه الفرقة هو فضل الله الحروفي المولود في إستراباد سنة 704هـ/1304م. انظر: (الأمين: شريف يحيى: معجم الفرق الإسلامية، بيروت، دار الأضواء،الطبعة الأولى، 1406هـ/1986م، ص95).
(2) البابية: فرقة صوفية تنسب إلى باباإسحاق الكفرسودي التركماني من القرن السابع الهجري، ادَّعى أتباعه أنه كان رسولالله وكانوا يسمونه بابا رسول، ويقولون: لا إله إلا الله البابا ولي الله. انظر: (الأمين: معجم الفرق الإسلامية، 47).
(3) البكتاشية: طريقة صوفية من الغلاةتنسب إلى السيد محمد رضوي المشهور عند المؤرخين باسم: الحاج بكتاش الذي كان معاصراًللسلطان العثماني أورخان. واعتبرها بعضهم من فرق الشيعة، وأكثر أتباع طريقتهينتشرون في تركيا وألبانيا. انظر: (الأمين: معجم الفرق الإسلامية، 59).
(4) المشعشعية: حركة تمزج بين التصوف والتشيّع تنسب إلى محمد بن فلاح المشعشعي الذي ولدفي واسط في العراق، وتمكّن بواسطة ما يملكه من مخاريق وإرث شيعي أن يكسب القبائلالمنقطعة في البطائح (الأهوار)؛ حيث كان يسود الجهل آنذاك بينهم، بالإضافة إلىتضليل دعاة الشيعة بدعوى محبة آل البيت ـ رضي الله عنهم ـ ثم ادّعى المهديةوالألوهية، قتل سنة 381هـ/1457م.
(5) الحركة الصفوية: حركة صوفية تنسب إلىالشيخ صفي الدين الأردبيلي سنة 733هـ/1334م الجد الأعلى للشاه إسماعيل الصفوي وعنهأخذت الحركة اسمها. وقد أحدثت هذه الحركة بُعْداً سياسياً أيام (جنيد) جد الشاهإسماعيل ودخل إليها التشيّع الغالي (من الغلو)، وتمكن إسماعيل بواسطة أتباعهالصفويين في قتل الكثيرين من أهل السُّنَّة. للمزيد انظر: (تاريخ إيران بعدالإسلام، ترجمة: السباعي محمد).
(6) إسماعيل الصفوي: مؤسس الدولة الشيعية فيإيران، ابن حيدر بن جنيد، ولد في أردبيل التابعة لإقليم أذربيجان، استعان بقبائلالأتراك واستولى على أذربيجان، وجعل تبريز عاصمة له، وفرض التشيّع على إيران، وتلقببالشاه. اقترن حكمه بإعلان طقوس شيعية جديدة على صورة صوفية ابتغاءَ تنشيط الدعوةالشيعية في إيران، ومن ذلك: تنظيم الاحتفال بذكرى استشهاد الحسين على النحو الذييُتَّبع الآن، وأسهم بإضافة عبارة (أشهد أن علياً ولي الله) إلى نصِّ الأذان وشهادةالإسلام. انظر: (الشيبي: الصلة بين التصوف والتشيّع، 372).
(7) يذكر أحدالمؤرخين الإيرانيين الشيعة (عباس إقبال) في هذا الصدد ما نصّه: «يُعدّ الشاهإسماعيل، بلا شبهة، أحد أشهر وأكبر ملوك إيران، وقد أدخل التشيّع على شعب إيران ـوكان أغلبهم حتى ذلك الوقت من السُّنّة ـ وذلك بسفك دماء كثير من الأبرياء بقسوة» انظر: (عباس إقبال: تاريخ إيران بعد الإسلام، ترجمة: السباعي محمد،القاهرة).
8- ( فرست مرعي الدهوكي: التغلغل الإيراني في كردستان العراق، مجلةالسُّنة، العدد الثاني والسبعون، كانون الثاني 1418هـ/1998م، مركز الدراساتالإسلامية، برمنجهام، ص 76 ـ 78.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alhadyalzahry.yoo7.com/index.htm?sid=c2228a5c38d098018d4d
 
الجذور التاريخية للتغلغل الشيعي في كردستان د. فرست مرعي الدهوكي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» محاضرة عن أهل الظاهر فى العصر المملوكى بالجمعية التاريخية
» الكتابة التاريخية عند الشيخ محيي الدين بن عربى الصوفى الظاهرى
» بلد سهل بن عبد الله التستري: تدمير الآثار التاريخية في مدينة تستر الأحوازية
» الدكتور عبدالباقى السيد متحدثا عن المدرسة الظاهرية فى عهد الموحدين بالجمعية المصرية التاريخية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: التاريخ والحضارة والسير والطبقات والأنساب :: التاريخ القديم والوسيط والإسلامى والحديث وتاريخ الدول العربية المحتلة والسير والأنساب-
انتقل الى: