ما حكم الودي ؟

سؤال : ما حكم الودي ؟
الجواب :الودي : هو ماء ابيض ثخين يخرج عقب البول .
اختلف العلماء في حكم الودي . فقيل : الودي نجس ، وهو مذهب الجمهور .
وقيل : طاهر ، وهي رواية عن أحمد .
الدليل على نجاسة الودي :
(أ) ما رواه ابن أبي شيبة ، قال : حدثنا حسين بن علي ، عن زائدة ، عن الركين ، عن حصين بن قبيصة الفزاري، عن علي قال : كنت رجلاً مذاء ، وكانت تحتي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكنت أستحي أن أسأله ، فأمرت رجلاً فسأله فقال : إذا رأيت المذي فتوضأ ، واغسل ذكرك ، وإذا رأيت الودي فضخ الماء فاغتسل (1) .
قلت : رجاله ثقات إلا أن ذكر الودي فيه غير محفوظ ، وأخشى أن تكون لفظة الودي تحرفت عن المني ، فتكون العبارة : ( وإذا رأيت المني فضخ الماء فاغتسل ) ، ولا يخفى أن الودي مجمع على أنه لا يوجب الغسل ، ولا يوجب الغسل شيء سوى المني ، وقد اطلعتُ على رواية أبي بكر بن أبن بشكوال في " غوامض الأسماء المبهمة " (2/ 513) فقد روى الحديث من طريق ابن أبي شيبة ، وقال : وإذا رأيت نضح الماء فاغتسل . وهذا أرجح .
(ب) ما رواه ابن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : المني والودي والمذي ، فأما المني ففيه الغسل ، وأما المذي والودي ففيهما الوضوء ، ويغسل ذكره (2) .
(ج) مارواه ابن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع عن عكرمة بن عمار عن عبدربه بن موسى عن أمه عن عائشة قالت : المني منه الغسل ، والمذي والودي يتوضأ منهما (3) .
دليل من قال : إن الودي طاهر : قالوا : لا نعلم في الكتاب ، ولا في السنة الصحيحة المرفوعة نصاً بأن الودي نجس ، وإذا كان كذلك فالأصل طهارته ، ولا يكفي في كونه يخرج من مخرج البول حتى يعطى حكمه ، فهذا المني يخرج من نفس المخرج ، ومع ذلك فهو طاهر ، وإذا كان يخرج عقب البول ، كان الاستنجاء منه بسبب البول ، لا منه ، قال ابن المنذر :
" وأما الودي ، فهو شيء يخرج من الذكر على أثر البول ، والوضوء يجب بخروج البول ، وليس يوجب بخروجه شيء إلا الوضوؤ وجب بخروج البول " أ.هـ .
قلت : لا شك أن أكثر الأقوال على أن الودي يخرج عقب البول ، لكن قال بعض الفقهاء : إن خروج الودي بعد البول غالب لا دائم ، فقد يخرج بعد حمل شيء ثقيل ، وقد يخرج وحده بلا سبب .
جاء في حاشية ابن عابدين (1/ 165) : الودي ماء ثخين أبيض كدر ، يخرج عقب البول .
وفي " الفتاوى الهندية " (1/10) : الودي بول غليظ . وقيل : ماء يخرج بعد الاغتسال من الجماع وبعد البول . كذا في التبيين . أ.هـ .
وفي " شرح خليل " (1/ 152) : واعلم أن ودي المرأة يخرج أيضاً بأثر البول إلا أنه حينئذ لا حكم له ، نعم يكون ناقضاً فيما إذا خرج بأثر سلس بول ، أو خرج عند حمل شيء ثقيل . أ.هـ .
وفي " معجم مقاييس اللغة " : ماء يخرج من الإنسان كالمَذْي . أ.هـ .
وفي " المعجم الوسيط " (2/ 1064) : الماءُ الرَّقيقُ الأبيضُ الذي يخرج في إثر البول من إفراز ( البروستاته ) .
قال عبدالعزيز : قال النووي في " المجموع " (2/ 552) :
" أجمعت الأمة على نجاسة المذي والودي " أ.هـ .
وحكى الحطاب الرعيني في " مواهب الجليل " (1/ 104) أن شاس نقل الإجماع على نجاسة الودي . أ.هـ .
قلت : وأنا على هذا الإجماع حتى يصح خلافه ، قال الإمام ابن حزم في " المحلى " (10/ 416) :
" من صح عنده إجماع فليتق الله ولا يخالفه ، ومن لم يصح عنده إجماع ولا نص ففرضه التوقف ولا يحل له أن يكذب فيدعي إجماعاً " .
خلاصة القول : إذا خرج الودي على أثر البول فحكمه حكم البول . لعلَّ من أجلِ هذا لم يذكره كثير من الفقهاء في مصنفاتهم ، أما إذا خرج لوحده دون سبب فالواجب غسل محل الخارج .

ـــــــــــــــــــــ
(1) (1/ 89) رقم (985) .
(2) (1/ 88 ) رقم (984) . وسنده صحيح .
(3) (1/ 88) رقم (977) . وهو في كتاب " الأوسط " لابن المنذر (1/ 136) رقم (26) مطولاً .

بارك الله فيك شيخنا الحبيب وزادك من فضله ، وليتكم تتعاونون مع مشايخ الظاهرية فى عصرنا لإخراج موسوعة مبسطة فى الفقه الظاهرى .