قاعدة حمل المطلق على المقيد إذا اتحد المخرج

[rtl]بسم الله الرحمن الرحيم [/rtl]

[rtl]الحمد لله ، والصلاو والسلام على رسول الله ، محمدٍ ، وآله ، وصحبه ، ومن اتبع هداه .

وبعد : فإن من الأمور المهمة التي يحتاجها الباحث معرفة القواعد الفقهية لتعينه على فهم الأحكام الشرعية ، ومن تلكم القواعد حمل المطلق على المقيد إذا اتحد المخرج وهي : أن الراوي أحياناً يذكر الحديث مجملاً ، ثم من الطريق نفسه يرويه مقيَّداً ، فالعمل هنا بالمقيَّد إجماعاً ، كما نقل الحافظ ابن حجر ذلك في " الفتح " [ شرح كتاب الوضوء ] عن ابن دقيق العيد رحمهُم اللهُ جميعاً .

ومثال ذلك : حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ في " صحيح مسلم " : قال صلى الله عليه وسلم : " إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع : من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر المسيح الدجال " وجاء في بعض الرِّوايات اطلاق التشهد دون التقييد بالتشهد الأخير ، ولكن هذه الرِّوايات جاءت من الطَّريق الأول نفسه ، مما يدلُّ على أنّ الرَّاويَ أجملَ مرَّة ، وفصَّلَ أخرى ، ولذلك فإننا نأخذُ بالرِّواية المفصَّلةِ التي تُوجب الاستعاذة بالله من أربع في التشهد الأخير دون الأخرى التي أطلقت التشهد ، ولو كان هناك روايةٌ من طريق أخرى لأعملنا الدَّليلَ الذي يشمَلُ الرِّوايتين .

ومثال ذلك ـ أيضاً ـ حديث أمِّ سلمة في " صحيح مسلم " : قال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الذي يأكلُ أو يشربُ في إناءِ الذهبِ والفضَّةِ إنما يُجَرْجِرُ في بطنه نارَ جهنمَ " فهذا ظاهرٌ في تحريم الأكل والشراب في إناء الذَّهب والفضَّة . وجاء في بعض الرِّوايات اطلاقُ التَّحريم دونَ التقييد بأكلٍ أو شربٍ ، ولكنّ هذه الروايات جاءتْ من الطريق الأولِ نفسه ، مما يدلُ على أن الرَّاويَ أجملَ مرَّة ، وفصَّلَ أُخرى ، ولذلك فإننا نأخذُ بالرِّواية المفصَّلةِ التي ينصب فيها التحريم على الأكلِ والشُّرِبِ في آنيةِ الذَّهب والفضةِ دون الأخرى التي اطلقت التحريم ولو كان هناك روايةٌ من طريقِ أخرى ، لأعملْنا الدليلَ الذي يشملُ الرِّوايتينِ .

ومن الأمثلة على ذلك ـ أيضاً ـ حديث أُمِّ عطية في " صحيح مسلم " قالتْ : " أمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطرِ والأضْحى : العواتقَ والحِيَّض وذواتِ الخُدُور فأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المسْلِمينَ .... " وظاهر الأحاديث يُفِيد تحريم الصلاة على الحائض فقط وأما أتيان المُصَلَّى والمكث فيه أمرٌ مسكوت عنه والأصل الإباحة . وجاء في بعض الرِّواياتِ إطلاقُ المُصَلَّى ، ولكن هذه الرِّواياتِ جاءت من الطريق الأولِ نفسه ، مما يدلًّ على أنّ الرَّاويَ أجملَ مرَّة وفصَّل أخرى ، ولذلك فإننا نأخذُ بالروايةِ المفصَّلةِ التي ينصب فيها التحريم على لأداء الصلاة من الحائض دون الأخرى التي اطلقت التحريم ، ولو كان هناك روايةٌ من طريقٍ أخرى ؛ لأعملْنا الدَّليلَ الذي يشمَلُ الرِّوايتينِ .

قال أبو عبدالرحمن : أما إذا ورد النص مقيد وجاء من طريق أخر مطلقاً فالحق الأخذ بالعموم ؛ لأن فيه استعمالاً للنصوص كلها إذا ثبت أنه عموم وليس اختصاراً من بعض الرواة .

مثال ذلك : ما ورد في " صحيح البخاري " : " أن الرَّسولَ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمرَ بالزكاة في سائمة الغنم في كل أربعين شاة شاة " وجاء في نصٍّ أخرَ في " الصحيحين " عن غير واحد من الصَّحابةِ ـ رضي الله عنهم ـ أنها في الغنم مُطلقاً ، دونَ ذكر السَّوْمِ ؛ ففرضِ الزكاةِ في الغنم مُطلقاً يتضمَّنُ النُّصَّيْنِ ، وهو الأيْقَنُ والاقوى .

لذا أقول: ذكر بعض أفراد العام الموافق له في الحكم لا يقتضي التخصيص " .. انظر " إرشاد الفحول " ( ص : 119 ) للشوكاني .[/rtl]

» شماعة الإرهاب د. إبراهيم بن عبدالله المطلق
» سؤال عن قاعدة عدم النقل
» تعقيب الشيخ ابن عقيل الظاهري على فتوى الدكتور المطلق حول الزواج بنية الطلاق
» أما آن الأوان لقراءة ملفات التنظيم السري العالمي للإخوان المسلمين؟!!د. إبراهيم بن عبدالله المطلق