قال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله: الذي أنصح إخواننا إذا أرادوا الراحة لأنفسهم والسلامة من تبلبل الأفكار فأنصحهم أن يأخذوا بالظاهر، ولكن ليس بظاهرية أبي محمد ابن حزم، لكن بظاهرية النصوص، أمّا أن تأخذ بظاهرية أبي محمد ابن حزم وتقول (البول نجس والغائط ليس بنجس) وهكذا من هذه الأمور فهذه ظاهرية مرفوضة، ولا نقبلها، ثم بعد ذلك أيضاً تهجّمه على العلماء لا نقبله ([url=#_ftn1][1][/url]) .
قلت : قول الشيخ مقبل بشأن ابن حزم لا يعنى رفضه لمنهج ابن حزم وإنما نبه على أمور هى عين الظاهرية والتى ترفض التقليد وتدعو لتقديس النصوص وتعزيزها ، وهذا التنبيه من الشيخ هو هو عين ما قاله ابن حزم " ما نسر بمن ينصر أقوالنا وإنما نسر بمن ينصر الحق ".
وتأكيدا لما قلناه نرى الشيخ مقبل يمدح مصنفات ابن حزم بقوله ": المحلّى" يُعتبر كتاب فقه، وكتاب تفسير، وكتاب جرح وتعديل، وكتاب تصحيح وتضعيف، وكتاب رد أباطيل، وكذلك كتابه "إحكام الأحكام" لعلّه لم يؤلَّف مثله في أصول الفقه، وكان رحمه الله بحراً لم يستطع خصومه أن يقفوا أمامه للمناظرة، حتى أغروا به السلطان وأحرق كتبه، ... فهو إن زلَّت قدمه في العقيدة ولا يجوز أن يُتابَع فيها، ولكن أنصح كل طالب علم أن يقتني كتاب "المحلّى" وكتاب "إحكام الأحكام" ويستفيد منهما غير مقلِّدٍ لأبي محمد بن حزم وغير متأثّرٍ بهجومه على مَن تقدَّمه، لكن يتأثّر به في الصلابة على الحق وإن خالف الناس كلّهم لا يبالي، وإنه ليُشكر على ذلك، والله المستعان ([url=#_ftn2][2][/url]) "
وفى سؤال رقم 320 من كتاب الشيخ إجابة السائل يقول .ابن حزم في المحلى معروف أنه ظاهري المذهب فهل يؤخذ بكل كلامه لأن فضيلتكم توصون به أي المحلى؟
فأجاب الشيخ بقوله " كتاب المحلى لابن حزم يعتبر كتاب جرح وتعديل وكتاب تصحيح وتضعيف وهذا ما لا يوجد في كتب الفقه فأنت إذا نظرت إلى – المغني – أو نظرت مثلا إلى- شرح الأزهار – من كتب الزيدية أو نظرت إلى كتب الحنفية وهكذا حتى إلى- المجموع – للنووي الذي يعتبر من أحسن كتب الفقه ماتجد هذا التصحيح والتضعيف والتخريج والتوثيق والتزييف لما يرى أنه باطل أما أراء ابن حزم التي تخالف الكتاب والسنة أو تهجمه على بعض الأئمة فنحن برءاء وأما المذهب الظاهري فالذي ننصح به كل مسلم أن يكون ظاهريا كما قال الشوكاني رحمه الله تعالى في ترجمة أبي حيان صاحب البحر المحيط فإنه ذكر عنه أن من عرف المذهب الظاهري لا يستطيع أن يتركه وأن يتخلص منه فال الشوكاني لأنه حق لا يمنعني الجمود على مذهب أبي محمد بن حزم رحمه الله تعالى فلسنا ندعوا إلى تقليده ..ثم ذكر رحمه الله أنه لو جاز التقليد لقلدنا الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ..([url=#_ftn3][3][/url])
وقال عن كتاب حجة الوداع : "كتاب حجّة النبي صلى الله عليه وسلّم" لابن حزم من أحسن الكُتب التي كُتِبَت في حجّة النبي صلى الله عليه وسلّم ([url=#_ftn4][4][/url]) ..
قلت : وقد نسبه العلامة أبو محمد بن على الكتانى فى وصف المحلى إلى أهل الظاهر ونفاة القياس فقال : " وفي اليمن أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي الذي كان زيدياً ثم انتمى إلى السنة وأخذ بالظاهر ونفى القياس وله جماعة يتبعونه([url=#_ftn5][5][/url]).
وقد ذهب بعض المتنطعين إلى عدم ظاهرية الشيخ فقال " يا إخواني الشيخ رحمه الله لم يكن ظاهريا ولا شوكانيا بل كان سلفيا أثريا على طريقة أهل الحديث بل كان يصرح بتخطئة ابن حزم في بعض المسائل و له ردود على الشوكاني والشيخ لم ينكر القياس بل يرى أنه داخل في الاجتهاد الذي يؤجر صاحبه عند عدم الدليل لكنه ينكر الإلزام به ".
قلت : الاحتجاج بتخطئة الشيخ مقبل لابن حزم على أن الرجل ليس بظاهرى أمحل من المحال ولطالما خطأ ابن حزم داوودا ، وكل ظاهرى لا يرى قديسة لأحد من أهل الظاهر صغيرهم وكبيرهم ، فهل يا ترى لأجل قاعدة هذا الطاعن نجعل كل ظاهرى خطأ غيره من أهل الظاهر فى زمرة غير زمرة الظاهرية.
وأما احتجاجه على عدم ظاهريته بردوده على الشوكانى فتالله إن هذه لآبدة الأوابد إذ إن الشوكانى اصلا لم يكن من أهل الظاهر إنما هو من المتأثرين والمحبين لهم .
وأما زعم هذا الزاعم بأن الشيخ لم ينكر القياس فيكفيه رد الشيخ مقبل نفسه على سؤال هذا نصه : هل قول من قال إن من أنكر القياس فقد فاته ثلث الشريعة صحيح؟
فأجاب الشبخ قائلا : الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) ويقول عز وجل – وقد فصل لكم ما حرم عليكم – فقد فصل الله سبحانه وتعالى كل شيء ثم بعد ذلك في شأن القياس هم أنفسهم أي أهل القياس يجعلون _ قياس النبيذ على الخمر بجامع الإسكار , وأنت إذا قرأت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (( كل مسكر خمر وكل خمر حرام )) عرفت أنه ما بقي لهذا القياس حاجة , يأتي الدليل من عموم الشريعة , وربما دليل ما اطلع عليه أصحاب القياس , والله المستعان وأنصح بقراءة ما كتبه أبو محمد بن حزم في كتابه ( إحكام الإحكام)حول القياس .إهـ
[url=#_ftnref1]
[1][/url]
أنظر : إجابة السائل على أهم المسائل
، ص310.[url=#_ftnref2]
[2][/url]
أنظر : غارة الأشرطة ،1/172.[url=#_ftnref3]
[3][/url]
أنظر : إجابة السائل على أهم المسائل
، ص562.[url=#_ftnref4][4][/url] نقلا عن : أحمد العديني، الإمام الألمعي، ص 286 .
[url=#_ftnref5]
[5][/url] أنظر : وصف المحلى ، ص179.