كيف نتعامل مع التراث ؟

من أبجديات البحث العلمى المحترم ، بل من الأدوات الأولية للعقلية المرتبة الواعية أن تقف على حقيقة غفل ويغفل عنها الكثير ألا وهى آلية التعامل مع التراث ، مع المصادر وما تحويه من الغث والسمين .
إن الكثيرين من الطلبة والباحثين يقرأون ويطالعون ، لكن شتان بين قراءة وقراءة . إن القارىء الحقيقى هو الذى يميز بين ما هو شريف وما هو غير شريف فى المصادر ، ويقف بنظره على ما يتعارض مع الأصول والقواعد . لذا هناك أمور لابد أن يراعيها كل قارىء يبحث عن العلم النزيه وهى :
أولا : إياك ان تكون شيخ نفسك فى القراءة ، وتظن أنك بلغت مرتبة تعلم نفسك . بل اسال أهل الخبرة والتخصص فى المجال الذى تريد أن تلجه قارئا وباحثا ومنظرا.
ثانيا : لابد من الوقوف على قواعد وأصول أرباب كل علم وفن . فمن يريد أن يخوض فى لجاج أحداث الفتنة التى وقعت عقب مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان عليه أن يقف على قواعد الجرح والتعديل ليستطيع أن يميز الصحيح من السقيم من الروايات ، فكم من روايات موضوعة ؟!، وكم من روايات معارضة للصحيحة ؟!، وكم من روايات صدرها صحيح وأدرج فيها ما ليس منها ؟!.
كذلك على من يريد ان يلج هذا الحقل أن يقف على أحكام الشريعة ليتعرف على حقيقة اجتهادات الصحابة حال الفتنة ، لماذا وقع القتال بين على ومعاوية ؟ أكان لأجل دنيا أم باجتهاد من كلا الرجلين ؟ ، ولماذا قتل معاوية حجر بن عدى ؟ أكان قتله ظلما وعدوانا ؟ أم أن حجر صدر منه ما دفع معاوية أن يعامله معاملة المفسدين فى الأرض؟ وهل كان حجر بن عدى صحابيا أم تابعيا ؟
ثالثا : لا قدسية لأحد فى الإسلام بعد النبى ، ولكن هناك احترام وتبجيل لأصحاب النبى حسب ما اقتضته أحكام القرآن ، وسنة النبى العدنان .
رابعا : أن الأحكام على الروايات وعلى الأشخاص لا تطلق جزافا ، ولا تؤخذ من مصدر واحد أو من قول واحد ، بل لابد من الأدلة البينة والتى لا تتأتى إلا بالمعرفة الحقيقية للكثير من العلوم العقلية والنقلية ، ومن ثم نردد دائما قول مالك " كل يؤخذ من كلامه ويترك إلا صاحب القبر وأشار إلى النبى " .
وهناك أمور أخرى كثيرة لعلى أفصل الحديث عنها فى محاضرة منفصلة بشأن المنهجية التاريخية والله الموفق والمعين