شبهات وأباطيل وجهت للحافظ ابن دحية :
أولا : طعن بعض أهل الأندلس وبعض المشارقة ومنهم الذهبى في الحافظ ابن دحية بأنه ادعى انتسابه للصحابى الجليل دحية بن خليفة الكلبى ، فقالوا "وليس الأمر كذلك لأن دحية لم يعقب ".
قلت : ويبطل قولهم أن دحية بن خليفة الكلبى له عقب حيث ذكر الطبرى فى أحداث سنة 126 هـ أن يزيد بن الوليد بن عبدالملك ندب لولاية العراق عبدالعزيز بن عبدالله بن هارون بن دحية بن خليفة الكلبى فأبى . وهى نفس الحجة التى استند عليها الحافظ ابن حجر فى إبطال زعم من اتهم ابن دحية .
كما أن ابن دحية ذاته انتحى للرد على زيد بن الحسن الكندى رئيس النحاة بدمشق لما زعم أن الصحابى دحية لم يعقب ، وصنف ابن دحية كتابا فى الرد عليه أثبت فيه ان لدحية ذرية وأنه من ذريته .
ثانيا : اتهام ابن دحية بأنه لم يسمع من العلماء حسب المحضر الذى عمله السنهورى الظاهرى .
قلت : ويكفى لإبطال ذلك إثبات من ترجم له من الأندلسيين والمشارقة سماعه من شيوخه ، فضلا عن أن أقوال الأقران بعضهم فى بعض تتساقط ، لا سيما وان السنهورى تعرض للضرب وطيف به فى مصر لأجل تعرضه لابن دحية ، فلا يمكن بحال أن نقبل كلامه بعد ذلك لا فى محضره ولا فى غيره بشأن ابن دحية .
ثالثا : أن ابن دحية اشتغل بطلب العلم بعدما كبرت سنه ، وهذا يؤكد نفى سماعه من شيوخه .
قلت : ويكفى لإبطال ذلك ما ذكره ابن الأبار والغبرينى وابن خلكان وغيرهم عن حفظ الرجل وملكته القوية فى معرفة الحديث ورجاله وأسانيده ، فضلا عن رحلاته هنا وهناك ولقائه بالعلماء ومجادلاته ومناظراته وتقريب الحكام له لعلمه وحفظه.
رابعا : ادعاء البعض أن ابن دحية وضع حديثا فى قصر صلاة المغرب ([url=#_ftn1][1][/url]).
قلت : يكفى لإبطال هذا الزعم ان ابن دحية لم يتهم بالوضع لا سيما فى أمر كهذا الإجماع منعقد عليه ، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة ، ثم إن ابن كثير لما ذكر هذه التهمة لم يذكر لنا صاحب هذا القول ولا إسناد الحديث الذى اتهم ابن دحيه بوضعه بل اكتفى بقوله " ونسبه بعضهم إلى وضع حديث فى قصر صلاة المغرب ، وكنت أود أن اقف على إسناده لنعلم كيف رجاله " ([url=#_ftn2][2][/url]) ، ولعل هذه التهمة شأنها شأن غيرها ترجع إلى ما يقع بين العلماء من منافسة بسبب القرب من السلطان وعلو المكانة والشان، فضلا عن ظاهرية ابن دحية التى شغلت الكثيرين مع مكانته عند السلطان إلى جانب شدته فى تعقب العلماء فضلا عن مخالفته أهل العلم فى بعض القضايا.
[url=#_ftnref1][1][/url] أنظر : البداية والنهاية ، 13/117.
[url=#_ftnref2][2][/url] أنظر : البداية والنهاية ، 13/117.