الحج تصوراً وسلوكاً -مقال للعلامة ابن عقيل الظاهري

الحج تصوراً وسلوكاً -مقال للعلامة ابن عقيل الظاهري
دينونة المسلمين لربهم التي يترتب عليها الثواب والعقاب تقف من تصورهم ومن سلوكهم.

فالتصور يعني عقيدة المسلم في وجود الله وكماله.. وفي صدق خبره، وفي عدل أوامره ونواهيه. والسلوك يعني عمل المسلم لدينه ولدنياه.

ولقد كانت فريضة الحج أعرض مادة للتصور الصحيح، وللسلوك الصحيح.. وإن كانت ظاهرة التصور الصحيح - في الحج أجلى وأظهر -.. فأما السلوك المستقيم فيبدو حين يتحلّل المسلم من مظالم الناس، لأنه يعلم أن المال الحرام لا تؤدى به الفريضة.. فهذه ظاهرة قريبة المأخذ بالنسبة للسلوك الفردي.. وثمة ظاهرة للسلوك المستقيم على مستوى الجماعة حينما يتوافد المسلمون ورجال العلم وذوو الحل والعقد ليخططوا لمستقبل الجماعة الإسلامية.. فهذه جزء من الأحكام السلطانية التي يفردها الفقهاء بالتأليف.

ولكن الأهم في الحج تصحيح التصور وتنقية الاعتقاد، وتجسيد الأمر المعتقد.. ففي لباس الإحرام - حيث الغبرة والشعث - يتذكر المسلم بعث الناس حفاة عراة إلى ربهم يوم القيامة.. فلا تبتعد هذه العقيدة من وجدانه، ويأنس بها في تصرفاته.

وفي لباس الإحرام يتساوى هيان بن بيان مع من تملأ الفم ياء نسبه.. فيتحرر المسلم من عبودية الجاه والكبرياء ولا يعنو وجهه لغير ربه.

وفي مشاعر الحج.. حجر يقبل وجمرات ترمى، وهرولة في المسعى وكل هذه الأمور التعبدية غير المعقولة المعنى تنادي بعقيدة المسلم.. وهي عقيدة الاستسلام والركوع والسجود لخالق الحكمة والمعرفة والحقيقة.. وهكذا فتش وراء كل شعيرة تجد وراءها تصوراً أو سلوكاً.

المخلص
أبو عبد الرحمن عقيل الظاهري


المصدر http://search.al-jazirah.com.sa/2008jaz/dec/19/za12.htm