هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 لا بد من الغياب والاغتراب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالعزيز الحنوط
مشرف منتدى منهج أهل الظاهر
مشرف منتدى منهج أهل الظاهر



عدد المساهمات : 160
تاريخ التسجيل : 25/11/2010

لا بد من الغياب والاغتراب  Empty
مُساهمةموضوع: لا بد من الغياب والاغتراب    لا بد من الغياب والاغتراب  Icon_minitime1السبت مايو 07, 2011 5:51 pm

قال أبو عبدالرحمن: إنني محبور بجزء كبير من حياتي قضيته في العلوم الشرعية وما يخدمها من آلات العلم، ولكنني نادم أشد الندم على جزء من حياتي أكثر صرفته في الأنساب والشعر العامي والآداب وذيول تاريخية وبعض الفضول اللغوي، وتمنيت لو صرفت نصف نشاطي لاستيعاب ما يخطط لأمتنا، ومع جلدي لنفسي أعتذر لبعض أحبابي عن بعض الأمور ابتداء بالعلامة الدكتور العنقري مدرس العقيدة الإسلامية في جامعة الملك سعود، وقد سمعت له بثاً كريماً في إذاعة القرآن أثلج صدري، وأبدي لفضيلته أن الموضوع الذي عقب عليه ووعدت بنشره قد فرغت منه في كتاب ضخم عن هذه المسألة لا يزال مسوداً، ولم يزدني بحث فضيلته إلا التصميم على الدينونة لله بالتوقف، ويكفي أن أرسل له الكتاب بعد تبييضه؛ لأتلقى بكل إنصاف كل ملاحظاته.. ولقد عدلت عن نشره في الصحافة، وربما جعلت الكتاب في تركتي؛ لأنني لا أريد شغل ذهن القارئ بموضوع جانبي، ولاسيما أن كل مجتهد بصدق استغل أهليته بالاستقراء والصدق مع النفس له أجره عند ربه وإن أخطأ بالوعد الصادق سواء أكنت المخطئ، أم كان المخطئ غيري.. ولا أريد شغل ذهن القارئ بمسألة جزئية؛ لأن ما نحن فيه من فتن لا يعلم عقباها إلا الله أهم وأخطر، ولاسيما أن الجهاد القلمي أقل ما أقدر عليه؛ وهو تبصير لما استوعبت قراءته عما يراد بنا؛ حتى لا يغتر أبناء هذه المملكة بأنهم على مذهب سلفي واحد، وتلاحم مع دولتهم فيغتروا بذلك عن التلاحم المتين بين الأفراد على مختلف مشاربهم العلمية والثقافية؛ ليكونوا جبهة واحدة صامدة متينة فكراً وسلوكاً أمام كل التحديات الخارجية، وأمام كل نزعة طائفية خرافية ضد مجتمعهم، وهؤلاء الطائفيون أشد تلاحماً بينهم، وأشد عبادة لعلماء السوء؛ لأنهم في بلاد العرب في غربة عن دولة طائفية أعجمية، ويريدون بقدرهم الخاسئ إقامة ذلك في دولة عربية، وتكون العاصمة في دولة الأعاجم.. وكذلك ما حققته أو أحققه من مسائل شرعية أقلها ضد المعمول به في بلدي، فإنني جاعله أيضاً ضمن ما يورث عني من المسودات الخطية؛ لأن الخلاف شر في أوقات الرخاء؛ فما بالك بأوقات الفتنة وإن كنت على يقين بصحة ما انتهيت إليه من نتائج شرعية؛ لأنني تعهدت الصدق مع ربي في الاجتهاد، وبذلت وسعي في الاستقراء، وليس من شأني أن أفتي بما يخالف اجتهاد العلماء في هذا البلد، ويكفيني أن أعمل باجتهادي في خاصة نفسي ورعيتي اعتقاداً وقولاً وفعلاً، وهكذا إحسان النقاش والتحقيق مع من يتواصل معي من طلبة العلم الذين هم على مشربي العلمي.. وجربت في آخر هذا العمر سوانح أتيقن أنها رحمة من ربي لأتعظ؛ فمن ذلك انحباس عن كثير من الطاعة؛ بسبب ما أعانيه من عوارض صحية وقد لازمت الإلحاح في الدعاء على أن يعينني الله على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يكشف الله ضري وأن يجعل الله ذلك عوناً لي على طاعته.. ومن تلك السوانح مرور كثير من العبادات بدون طعم ولا خشية، وتيقنت أن سر ذلك إحنةٌ تجيش في قلبي على مشايخ فضلاء اعتقدت أنهم لم يقوموا بواجبهم من الحسبة مع ولي الأمر أولاً ومع شرائح المجتمع بمختلف المشارب العلمية باحتضانهم والأخذ منهم وإعطائهم بعقل علمي، مع القيام بالشفاعة لذوي الحاجات كما كان يفعل فقيد الأمة سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز قدس الله روحه ونور ضريحه، ثم تبين لي أنهم قاموا ببعض الواجب وقصروا كثيراً؛ وإنني متعهد قلبي أن لا يكون في قلبي غل ولا بغضاء لمسلم سواء أكان عامياً أم عالماً مستغفراً ربي عما سلف.. مع كرهي للتقصير في النصح لولاة الأمر وعامتهم مكتفياً بصمودي في التبصير والنقد العام من غير تعيين لما أراه من تقصير حتى لا ألقى ربي مداهناً.. ويخالف ما أبديته عن ضرورة صرف الجهد لما نعانيه من فتن خطط لها: أنني أدفع الملل في إعداد كتابي حديث الشهر بمباحث أدبية ولغوية وتاريخية وجمالية، إلا أن هذا الذي أنشره لم أكتبه في هذا الظرف، بل بعضه أعددته قبل ثلاثين عاماً؛ وإنما كان جهدي في التصحيح والتشذيب والتهذيب والإشفاق من إضاعة الجهد.. ومع هذا فلا بد من شيء من الغياب والاغتراب تفرضه طبيعة تكويني العلمي القائمة على الملل والسأم في العمل الجاد، وأن وقودي الغياب في بعض الجماليات من غير إسراف في صرف الوقت؛ لأنشط لعمل جاد.. ومنذ وقت قريب أوشكت على الفراغ من جولة كتبتها عن دواوين معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة، وما أخذته منه من قصائد في أسفاري مطبوعة على الكمبيوتر، وما كتب عنه منشطاً قارئي بالإعجاب تارة وبعرك الأذن تارة، ثم طلبت من أخي الدكتور أمين سيدو أن يعينني بعمل ببليوجرافي لأطمئن على استيعابي لما كتب عن إنتاج معاليه.. ولضرورة هذا الغياب في حياتي كما أسلفت فقد تكون الجولة الثانية مع كامل الشناوي عفا الله عنه؛ فلا زلت أدفع هذا الاهتمام به منذ سنتين، والله المستعان.
وكتبها لكم / أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري ـ عفا الله عنه ـ

المجلة العربية : العدد( 413 ) جمادى الثانية 1432هـ - يونيو 2011م
انظر الرابط :
http://www.arabicmagazine.com/arabic...s.aspx?id=1138
لا بد من الغياب والاغتراب  Progress
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لا بد من الغياب والاغتراب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منهج أهل الظاهر :: مقالات أهل الظاهر من المعاصرين :: قسم العلامة ابن عقيل الظاهرى-
انتقل الى: