ما رأى فضيلة الدكتور عبدالباقى فى مسألة نسخ القرآن ؟

الدكتور عبدالباقى رغم كونه ظاهريا إلا أنه ينتسب إلى المدرسة العقلية التى من أقطابها جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده ورشيد رضا ومحمد أبوزهرة والقرضاوى والغزالى وغيرهم كثير .
وقد اشتهر من رجال هذه المدرسة من يقول بعدم وقوع النسخ فى القرآن الكريم ، رغم أن جماهير العلماء تقر به ، ومن جملة الأئمة الكبار ابن حزم الظاهرى مجدد المذهب الظاهرى الذى يعتنقه الدكتور عبدالباقى ويدافع عنه أيما مدافعة .
فما هو توجه الدكتور عبدالباقى بشان هذه المسألة ؟
هل نزع فيها منزع المدرسة العقلية ؟
أم انه يقول بقول جماهير العلماء ومن جملتهم مجدد مذهبه الظاهرى الإمام ابن حزم ؟

الأخت الفاضلة شيماء
لا أسمح لنفسي بالإجابة عن دكتورنا الحبيب
ولكنى أود توضيح شئ هام وهو أن المذهب الظاهري جوهره النص وتقديمه على العقل
أما المدرسة العقيلية فتعتمد على العقل وتقدمه على النص فهي وارثة لفكر المعتزلة إ‘لى حد كبير فشتان ما بين اليمين واليسار
وأقول هذا عن خبرة بأفكارهم فقد تتلمذت على كتبهم في بداية قراءاتي في الشريعة وكنت متعصباً لأفكارهم!
والحمد لله الذي من عليَ بفكر النص والظاهر وترك ما سواه .
وننتظر إجابة دكتورنا الفاضل Smile

حيا الله صاحبنا الحبيب ابا محمد المصرى وشكر الله لك على التوضيح .
وبخصوص ان تسمح لنفسك أو لا تسمح فأنت أهل ايها الأخ الفضيل لأن تجيب عنى بارك الله فيكم ورفع قدركم فى الدارين .
وبخصوص سؤال المهندسة شيماء عن وجهتى بشان النسخ هل هى إلى المدرسة العقلية أقرب ام إلى أهل الظاهر وجماهير العلماء .
فابادر وأقول إن أمر النسخ الذى أعتقده فى القرآن ما هو إلا تخصيص عام أو تقييد مطلق أو تدرج فى الأحكام .
وهذا الأمر لا أخفيكم استفدته من شيخنا محمد الغزالى رحمه الله ، ومن العلامة محمد رشيد رضا فى تفسيره المنار وأستاذه محمد عبده.
ثم بعد فترة عرفت ان هذا القول هو قول الدكتور القرضاوى والشيخ محمد الخضرى وغيرهما من رجال المدرسة العقلية .
بل قال به احد رجال المعتزلة وهو أبو مسلم الاصبهانى .

وهذا الأمر بشان النسخ تبنيته منذ أكثر من خمسة عشر عاما ، واذكر أن أحد الإخوة على دارة أهل الظاهر طلبوا منى أن أبين لهم وجهة نظرى بشان النسخ فترددت عن أن أوفى بطلبهم لأمور :

أولا : أن هذا راى خاص بى أنا لا يخص الظاهرية ، ومن ثم قلت لو تحدثت فى هذا الأمر لأخذ على أهل الظاهر ان من بينهم من يقول بامور تخالف المعقول والمنقول على حد زعم المخالف للظاهرية .
ثانيا : أن هذا القول وافقنا فيه أحد رجال المعتزلة وهو أبو مسلم الاصبهانى الذى نقل الفخر الرازى آراءه فى تفسيره الكبير ، وبدا فى كثير من الأحوال كأنما يميل إلى رأيه ، ثم وافقنا فيه جل رجال المدرسة العقلية – وهى مدرسة لأهل الرأى- ومنهم الأستاذ الإمام محمد عبده ، وتلميذه محمد رشيد رضا ، والشيخ محمد الخضرى ، وشيخنا محمد الغزالى ، وأستاذنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوى وغيرهم .
فقلت أنا ظاهرى أخالف أهل الرأى فى أصولهم ، وكذا أخالف المعتزلة فى أصولهم فلو وقف احد على هذا القول لاتهمنا بالاعتزال ، أو بالتناقض إذ كيف نجمع بين أقوال أهل الظاهر وأهل الرأى .
ثالثا : أن بعض الآيات لم أقنع بأنها غير منسوخة مثل آية إمساك النساء فى البيوت حتى يتوفاهن الموت إذا ارتكبن الفاحشة ، وشهد عليهن شهود أربعة ، فقلت أنا بين أحد أمرين إما إننى لم أفهم مرادها ولعل القدر يظفرنى بما أتفهمها به .
الأمر الثانى انه ربما تكون حقيقة منسوخة ، ومن ثم يكون موقفى من النسخ أنه لا يقع إلا فى النادر جدا .
رابعا : أن الذى جعلنى لا أتحدث أصلا فى موضوع النسخ ، ولا أفشى حتى ولو سرا وجهة نظرى . ما وقع عليه بصرى من أن نحلة الأحمدية القاديانية الكافرة لا تقول بالنسخ فى القرآن .

عندئذ قلت والله لا يمكن أن أوافق هؤلاء الكفرة فى شىء ، ولا أتحدث عنه أبدا ، حتى لا يقال أن لهم تأثيرا على تفكيرى ، وأننى وافقتهم فى بعض أفكارهم ، وأعلنت ذلك صراحة لأصحابى بمصر . كل ذلك مخافة من كيل التهم ممن لا عقل لهم ولافهم ، وآثرت أن أجعل الموضوع بينى وبين نفسى ، خاصة وأننى حسب فهمى عندى من الأدلة ما توجهنى إلى ما أنا مقتنع به .

ولكن وقع ما جعلنى أغير وجهة نظرى بشان عدم الحديث عن رايي فى النسخ فى القرآن الكريم إذ نقل خطا إلى شيخنا وصاحبنا ابن تميم مدير دارة اهل الظاهر اننا ننفى وقوع النسخ فى الشريعة الإسلامية ، فطلب غلى أن أكتب غليه برسالة أبين فيها وجهة نظرى فخطت رسالة وسمتها باسم " النـــســـخ فـــى الـقــــرآن هل هو واقع على آيات الأحكام ؟
وارسلتها لشيخنا وصاحبنا فطالعها سريعا ، ودار بينى وبينه حوار مقتضبا أخبنى صاحبنا خلاله انى قصرت النسخ على تعريفات بعينها .

أما عن سبب وجهة نظرى هذه والقاضية بأنه لا نسخ فى القرآن – وليس فى الشريعة الإسلامية عموما- فترجع إلى الآتى :
أولا : أن حفظ النص – القرآن- كاملا بين أيدينا مدعاة للعمل به وبكل ما حواه من أقوال وأحكام . إما بالتأسى وذلك بما أودع فيه من القصص والأخبار ، وإما بالاتباع والتطبيق وذلك بخصوص الأحكام والعقائد ، وإلا فما الداعى من وجود أمور فى القرآن لا نعمل بها .
ثانيا : ويرتبط بالأمر السابق أن أحد مترجمى القرآن إلى اللغات الأوربية طلب من أحد العلماء فتوى بشأن تظليل الآيات المنسوخة بلون مخالف عن لون المصحف . ليتسنى لمسلمى أوربا أن يتفهموا القرآن . فقلت فى نفسى هذا يكتب الآيات المنسوخة بلون اليوم ثم نخرجها من المصحف غدا ، وذاك يقول نرتب القرآن ترتيبا تاريخيا حسب نزوله ، وثالث يريد أن يشير إلى الآيات التى فى اختصاصه بعلامة ، فهذا يشير إلى الآيات الكونية ، وآخر إلى التشريعية ، وآخر إلى الاقتصادية ، ورابع إلى السياسية ، وخامس إلى النفسية ، وسادس ، وسابع ، وهكذا إلى أن يخرجوا القرآن من عظمته وإعجازه وجماله ورونقه .
ثالثا : أننى أفهم ما يقول به من يقول بالنسخ على أنه تدرج فى الأحكام ، وتخصيص لعام ، وإحكام لمتشابه .
رابعا : أنه هالنى الخلاف الذى وقع فيه أهل التفسير وغيرهم حول الآيات المنسوخة فمنهم من قال إن آية السيف قد نسخت مائة وعشرا- بل مائة واربعين بل مائتين- من الآيات القرآنية ! هذا مع اختلافهم أصلا فى آية السيف نفسها : أى آية هى؟ .
ولقد حاول الإمام السيوطى ان يقلل من الآيات المنسوخة ، فأوصلها إلى نحو من عشرين ، ومع هذا لا تسلم له هذه العشرون . فمعظمها لا يؤيده الدليل القوى .

ومن ثم قلت أبحث عن هذه الإشكالية . فوافق قول من قال بعدم النسخ فى القرآن ما فى داخلى من أن الله أنزل كتابه ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، ويهديهم إلى صراط مستقيم ، ومن ثم فلا يجوز ادعاء نسخ آية منه – أى إبطال العمل بها- إلا بيقين فيه من الله برهان . كما أن النبى صلى الله عليه وسلم قد حذر من الخلاف حتى حال قراءة القرآن فقال فيما أخرجه البخارى " اقرأوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فيه فقوموا" فقلت لا يمكن ان أقول بمثل هذه الأقوال التى فيها خلاف بَين وجلى . خاصة وأن النسخ – حتى عند من قالوا به- له شروط منها :
أولا : تعذر الجمع بين آية أو نص آخر ، وإلا فالجمع مقدم .
ثانيا : أن يعرف تاريخ كل من النصين ، وأن الناسخ متأخر عن المنسوخ .
ثالثا : ألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيداً بوقت معين مثل قوله تعالى:{فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة:109] فالعفو والصفح مقيد بمجيء أمر الله.
رابعا : أن يكون الدليل الناسخ أو الرافع للحكم قاطعا صريحا .

عموما لا أريد ان أسرف فى الحديث وسأرفع لكم رسالتى حول النسخ قريبا تطالعوها ، وبعد المطالعة أنتظر رأيكم السديد وطروحاتكم ومناقشاتكم الماتعة .
ودمتم بخير

لى بعض التساؤلات
هل النسخ بمعنى ازالة الحكم الشرعى بحكم آخر متراخى عنه فى الزمن يثبت بالاجماع؟
قال الدكتور مصطفى زيد ان مصطلح النسخ عند المتقدمين غيره عند المتأخرين فهو يشمل ازالة الحكم بحكم آخر متراخى فى الزمن و يشمل تقيد المطلق و تخصيص العموم. ان اخدنا هدا فى الاعتبار تتضح بعض الأمور:
بعض الصحابة رضى الله عنهم كما ورد فى الصحيح صرحوا بنسخ الفدية فى الصوم و بعضهم صرح بأنها غير منسوخة و احتج بعض المفسرين بقراءة "يطوقونه" . لكن اتفق الجمهور على جواز الفدية على الكبير الدى لا يطيق الصيام.
بجمع جميع الأقوال نجد أن الصيام كان اختيارياً للجميع ثم قُيد الجواز ليشمل من يصوم بمشقة. فالأمر هنا ليس نسخاً بالمعنى المتعارف عليه. و بالتالى فالآية محكمة و غير منسوخة بفرض الصيام؟
الأمر داته فى أوامر القتال.
الأمر داته فى آية الوصية حيث قُيد الحكم بـأمرين: حديث " لا وصية لوارث" و آية الميراث. فـأصبح الوالدان خارجا الوصية الا لو كانا كافرين. فتكون آية الميراث غير ناسخة لآية الوصية بل مُقيدة له.
لكن هدا لا يمنع من ثبوت النسخ فى بعض الحالات و ثبوته يكون بالحديث الصحيح حتى لو كان آحاد. كحالة الزنا .
ما رأيكم؟

قبل التعليق على أسئلتك أخى الحبيب من هو الجمهور أولا ؟
وهل إن وجد خلافا بين الصحابة يعتد به أم لا ؟
وهل النسخ يقبل من كل أحد أم يتوقف فيه على ما ثبت بيقين من كلام سيد المرسلين ؟

» الدكتور عبدالباقى فى نقابة الصحفيين
» الدكتور عبدالباقى السيد بين ناقديه ومادحيه
» افتتاح أكاديمية الصحابة ..فى حضور الدكتور عبدالباقى السيد
» الدكتور عبدالباقى فى ساقية الصاوى قريبا يحاضر عن ابن حزم والظاهرية
» جدول أعمال الدكتور عبدالباقى يوم الجمعة 6 مايو 2011م