التشيع فى الأندلس

بخصوص قيام دولة شيعية فى الأندلس فكانت هناك حركة عمر بن حفصون الذى خطب فى أعماله برية لعبيدالله المهدى صاحب أفريقية ، وأذن فيها بحى على خير العمل( 1)
وقد ذكر البعض عن بنى حمود العلويين أنهم أظهروا بعض المبادئ الشيعية كالقول بعدم تمام الديانة إلا بالإمامة ، وأنه يجب على كل مسلم أن يعرف إمام زمانه ، وأنهم الوحيدون الجديرون بالخلافة لقرابتهم من النبى صلى الله عليه وسلم ، وأن من سواهم ممن ولى الخلافة فهو معتد غاصب( 2).
وهذا الأمر ربما يتطرق إليه الشك من خلال كلام ابن حزم كشاهد على الأحداث على ما سنعرض له .
لكن الذى لا شك فيه أنه على أثر تولى بنو حمود للسلطة بالأندلس ظهرت ميولا شيعية لدى بعض الشخصيات خاصة الشعراء من أمثال غانم بن وليد المخزومى الأديب ، الذى وصف إدريس بن يحيى الملقب بالعالي بإمام الهدى ، وعبدالرحمن بن مقانا الأشبونى ، وابن الحناط القرطبى ، وعبادة بن ماء السماء الذى وقف كل مؤلفاته على الإشادة بالناصر بن على بن حمود ( 3) وابن دراج القسطلى الذى استخدم فكرة القبس أو النور الذى ينتقل من إمام إلى آخر عند مدحه لكل من على بن حمود وأخيه القاسم ، كما استخدم فى شعره فكرة الحلول والتناسخ والشفاعة والوصاية وكل هذه من مبادئ الشيعة الأساسية(4 ).
الجدير بالذكر ان التشيع الحمودى لم يكن من قبيل تشيع الرافضة ، إنما الغلو كان ممن تشيع لهم ، وأشعارهم تؤكد ذلك.
وقد ذكر ابن حزم رضى الله عنه وهو شاهد عيان أن القاسم بن حمود " كان يذكر عنه انه يتشيع ، ولكنه لم يظهر ذلك ولا غير للناس عادة ولا مذهبا ، وكذلك سائر من ولى منهم بالأندلس " (5)
ــــــــــــــــــــــ
(1 ) ابن حزم ، رسالة نقط العروس ، رسائل2/84 ، ورية إحدى كور الأندلس التى خصت بأنهار غزيرة بحرية ومدنها كثيرة منها أرشذونة ومالقة أنظرابن غالب ، فرحة الأنفس ، ص294.
(2 ) ليفى بروفنسال ، الحضارة العربية فى إسبانيا ، ص164 ؛ وأنظرمحمود مكى ، التشيع ، ص130،133؛ طه الحاجرى ، ابن حزم ، ص103
(3 )ابن الآبار ، الحلة السيراء ،2/27،28 ؛ وأنظرابن سعيد ، المغرب ،1/413،414 ؛ هنري بيريس ، الشعر الأندلسي،ص90،91 ؛ محمود مكى ، التشيع فى الأندلس ، ص141-144؛ إحسان عباس ، تاريخ الأدب الأندلسي عصر الطوائف والمرابطين ، ص168،169 .
(4 )أشرف على دعدور، الصورة الفنية فى شعر ابن دراج ، مكتبة نهضة الشرق ، القاهرة ،1994م ، ص393-397 .
(5) أنظر : رسائل ابن حزم ، 2/200.