هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 العلامة ابن عقيل الظاهري يقول: أهذه أُمِّيَّةٌ فكرية ، أو تأميم علمي؟!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابن حزم الظاهري
فريق الإشراف
فريق الإشراف



عدد المساهمات : 26
تاريخ التسجيل : 08/10/2010

العلامة ابن عقيل الظاهري يقول: أهذه أُمِّيَّةٌ فكرية ، أو تأميم علمي؟!  Empty
مُساهمةموضوع: العلامة ابن عقيل الظاهري يقول: أهذه أُمِّيَّةٌ فكرية ، أو تأميم علمي؟!    العلامة ابن عقيل الظاهري يقول: أهذه أُمِّيَّةٌ فكرية ، أو تأميم علمي؟!  Icon_minitime1السبت نوفمبر 27, 2010 12:20 am

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

فقد أرسل إلي الأستاذ الفاضل عاصم علي سكرتير مجلة الدرعية رسالة يطلب فيها نشر هذه المقالة للعلامة الشيخ ابن عقيل الظاهري حفظه الله ورعاه، ولا أدري إن كانت هذه المقالة موجودة في احدى الصحف السعودية، وسأنقل المقالة كما هي بلا تغيير.


بسم الله الرحمن الرحيم
أهذه أُمِّيَّةٌ فكرية ، أو تأميم علمي؟!


الضَّميمة الأولى :

اطلعتُ على التعليقات في الإنترنيت ؛ فوجدت كتابات منصفين طالبين للحق والبرهان ؛ فجزاهم الله عني خيراً .. ووجدت ذوي أُمِّيَّة أو تأميم ، وحواري الآن معهم ومع بعض أهل العربجة .. ووجدت ذوي عربجة سَفَلَة لم يمنعهم دين ولا حياء .. ستروا وجوههم الكالحة في التراب ، وأظهروا سوءاتهم كأنهم لا يعلمون أن ملكين كريمين يسجلان سخائمهم ، وأنهم غير خافين عنهما وإن تواروا في التراب ؛ فأول ما أُبديه لأحبابي ههنا ؛ ــ لأنني لن أبحث هذه المسألة في مباحث هذه ( سلفيتي ) ــ : أنني ما قلقتُ من هذا الموضوع إلا لظاهرة التكفير بغير حقٍّ في وسطنا من أحداث يقولون على ربهم بغير علم ولا تمحيص ، وهذا من أسباب الإرهاب الطارئ ؛ فالخلال رحمه الله على سبيل المثال يعقد في كتابه السنة أبوباً بعنوان : ( الرد على من قال كذا وكذا ) فتتشوَّق للبرهان الذي هو الردُّ حقيقة فلا تجد إلا : ( قال فلان : من قال كذا فهو كافر )، بل وجدت في الكتاب نقلاً مكذوباً على إمام فاضل ، وهو ( من قال القرآن محدث فهو كافر ) ؛ فيا إلهي كيف نطمر آيتين من سورتي الأنبياء والشعراء؟!..

فتحمستُ لهذا الموضوع لمراجعة الحسابات في التكفير بغير حق ، والقول على الله بغير علم ، والاتِّباعية بلا برهان .. ومن المراجع التي يحيلني إليها البراك كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ، وفيه نصوص كثيرة في تكفير أبي حنيفة رحمهم الله تعالى ، وأنه استتيب في الزندقة أكثر من مرة ؛ فيا ليت شعري لو أعلم متى كان تاريخ هذه المرات ، وفي أي كتب التاريخ ذُكر ذلك ، وما هي مسائل الزندقة التي رُمي بها ، ومن الذي حكم عليه من الفقهاء ، ومن الذي استتابه ، وكيف يُعطى مُهلة الاستتابة أكثر من تسع مرات ؟؟؟.. إن هذا لعجب !!!..

وأما أن ابن أبي شيبة رحمه الله تعالى عقد فصلاً في المصنف عن مخالفة أبي حنيفة السنن فهذا حق، وهو يعني خطأه في الاجتهاد لا تكفيره ؛ لأنه استنبط قواعد من معقولِه هو لا من العقل الإنساني المشترك ، وجعلها حاكمة على الشرع بينما قواعد الشريعة تُستنبط من نصوص الشرع ؛ ولهذا عُرفت مدرسته بمدرسة أهل الرأي ؛ فمن معقوله الذي جعله قاعدةً حاكمةً أن ابن آدم أفضل من البهيمة ؛ وذلك في مواجهة الحديث الصحيح : ( أن للراجل سهماً وأن للفارس ثلاثة أسهم : سهمين لفرسه ، وسهماً له ) ؛ فبيَّن له العلماء : أن العقل الإنساني المشترك المستنبِط من هذا النص أظهر أنه لا مفاضلة بين الآدمي والبهيمة في الحكم ؛ فالفرس لا تفعل شيئاً وحدها ؛ وإنما هو مفاضلة بين فِعْلَيْ آدميين : راجلٍ بلاؤه ضعيف ، وفارسٍ يشقُّ الصفوف ويفعل الأفاعيل بالله ثم بفرسه التي تحتاج إلى نفقة كثيرة ، وتشاركه في لبن أطفاله ، وتحتاج إلى رعاية خاصة ، وسهما الفرس يأخذها الرجل الفارس الذي أحسن غذاءها ورياضتها وأحسن الفروسية ..

ثم عَمَـرَ مذهب أبي حنيفة رحمه الله بالسنن على يد محمد بن الحسن الشيباني .. إلى الطحاوي .. إلى الزيلعي .. إلخ رحمهم الله تعالى ، وكثر تأليفهم في مشروعية الوقف ؛ إذْ لم يَعْقِل أبو حنيفة تحبيس الأصل وتسهيل المنفعة .. ومع هذا بقيت روح التعصب في المذاهب الفقهية المتبوعة هي الأغلب ، وقد قلتُ في بحثي ( من الكفر والإباحية إلى عقوبات العدمية ) الحلقة السابعة من عشر حلقات بجريدة الجزيرة في العدد 13919 في 1/12/1431هـ : ((ووصيتي لإخواني من طلبة العلم الشرعي بأن يتَّجه مَن أراد منهم تحقيق مسألة شرعية إلى جمْع النصوص الشرعية في المسألة من القرآن الكريم وصحاح الأحاديث ، فيسوِّدُها بالإحالة إلى مصادرها ، وذِكْرِ بعضِ كلمات عن موضوعها ويكون المعنى في ذهنه كاملاً ، وأحكام الديانة عقيدة وفقهاً وآداباً مُفْردة بالتآليف ، بيِّنٌ صحيحها من سقيمها مع الحرص على تتبُّع مفردات القرآن الكريم .. ويكون المعنى في ذهنه ، ولا يرجع إلى شيئ من كتب العلماء، ويُـجَرِّد عَقْلَه من كل رأي مسبق إلا ما نبع من إيمانه ، أو ما كوَّنه من براهين شرعية قطعية يبني عليها ، ثم يستنبط من النصوص مجتمعة سواءً أكانت نصاً على اسم موضوع المسألة أو نصاً على معناها ، ويستحضر عقلَه في نشاط ذهني بعد نومٍ كافٍ بلمَّاحيَّة ودقَّة تمييز ، ولا يقبل من المرجِّحات إلا ما كان عليه برهانُ صحةٍ من لغة العرب التي نزل بها الشرع ، فإذا انتهى من المسألة بحيثيَّاتها ونتائجها وبراهينها ، واطمأن قلبه إلى أن هذا هو مراد الشرع بيقين أو رجحان : رجع إلى كتب العلماء ؛ ليستدرك ما فاته ، وليلاحظ أيَّ سهوٍ يكون وقع فيه هو ، أو وقع فيه غيره .. وإنما جعلتُ الرجوع إلى كتب العلماء آخِراً لسببين :

أولهما : أن دين الله يسر لا عسر ، سهل إدراك دلالته إذا جُمِعتْ النصوص في المسألة ، واسْتُحْضِرتْ دلالات لغة العرب ، وصاحب ذلك وعْيُ العقل بنشاط .

وثانيهما : أنك إذا رجعت إلى كتب العلماء أوَّلاً فقد تكون بداية قراءتك في كتب أصحاب مذهب لا تميل إليه ؛ فيكون في عقلك وقلبك قناعة مُسْبَقة بأن هذه الكتب ليست مَظِنَّةً لظهور الحق ، وهذا مدخلٌ إبليسي لاتباع الهوى .. وقد تكون بداية قراءتك في كتب أصحاب مذهب تميل إليه ؛ فيكون في عقلك وقلبك قناعةٌ مسبقة بأن هذه الكتب هي مَظِنَّة ظهور الحق ، وهذا مدخل إبليسي آخر لاتباع الهوى ؛ فإذا ارتاح قلبك بعد ذلك إلى اجتهادك ، وعلمت أن الرقيب الحسيب العالم بما في الصدور جل جلاله يعلم من نيتك وعملك صِدْق تحرِّيك للحق دون عصبيَّة ، وأنه ليس في قلبك إضمار نِيَّة بأن تنتصف من مذهب بالباطل ، أو تنتصف لمذهب تميل إليه بباطل أيضاً : فبادر إلى نَشْرِ ما حرَّرتَهُ ؛ لعلك تسمع أو تقرأ نقداً من بعض إخوانك ؛ فتجد عندهم تنبيهاً على خطإٍ وقعتَ فيه فتستدركه ، أو تجد عندهم سوءَ فهمٍ أو خطأٍ فتبيِّنه لهم ؛ فهذه صفة مَن جعلهم الله هداة مهتدين ، وهذه صفة أولي العلم الذين يرفع الله بعضهم على بعض درجات .. والتَّعب في الاجتهاد بهذه الصفة عبودية لله تجعلك في مَصَافِّ مَن يُحْيُون ناشئة الليل بالعبادة إن كان نَهْزُكَ منها ضعيفاً غيرَ عبقريٍّ )) ..

وأضيف ههنا أنه لا بدَّ من المرور على كتب العلماء في هذه المرحلة ؛ لتوردَ لك نصوص الحديث والقراءات ، وتعلِّمك بصحيحها من سقيمها ، وتتلو عليك أخبار الرواة .. وهذا حقٌّ ، ولكنه غير مؤثر فيما أعنيه ؛ لأنك أوَّلاً تبحث عن الدلالة والثبوت ولا تدري إلى أي نتيجة تنتهي إليها في موافقة مذهبٍ ما أو مخالفته في المسألة التي تبحثها ؛ فليس عندك رأيٌ مُسْبق ، بل بحثك مجَرَّد لتحرير الثبوت والدلالة .. ولأنك لا تدخل من فراغ ؛ إذ لا يحل لك الاجتهاد إلا وعندك أهلية علمية وفكرية تحرِّر بها الدلالة والثبوت من كتب أهل الاختصاص الأعْلمِ بهذين الشيئين . ولا بد أن يكون عندك أصول مطَّردة في تحرير نظرية المعرفة البشرية والشرعية بتعبٍ وتقصٍّ وطول تأمُّل ..

وصفة الاطراد عدم التناقض ؛ فمن قال : ( القرآن غير مخلوق جزماً ) ، ثم استدلَّ بقول من قال : ( القرآن لا خالق ولا مخلوق ) ؛ فهذا يقول كيفما شاء بلا علم ، ولا يحل التخبُّط في دين الله بمثل هذا .

قال أبو عبدالرحمن : ولهذا فأنا مستعد بالإجابة عن كل استفسار عاقل عن علم بلا عربجة ، أو مستفسر لا يحمل صفة العلم التخصصي .. والتمسك بمثل هذا التكفير الذي ذكرته هو مطلع الإرهاب في عصرنا ، وإذا كُفِّر هذا الإمام الذي يقلِّده أكثر المسلمين فما أسهل الجُرأة على تكفير غيره ؟!.. وقد شفى وكفى كتاب الانتقاء للإمام أبي عمر ابن عبدالبر رحمه الله تعالى .

وثاني ذلك : أن البراك الذي ابتلاني تحمَّل شططاً في تقديمه للموسوعة الشاملة عن الإمام يعقوب بن شيبة رحمه الله تعالى ؛ فأطلق الثناء والإمامة عليه ( وذلك صحيح ) كأنه لم يعلم أن يعقوب رحمه الله تعالى توقَّف ، وممن توقَّف أيضاً أبو إسحاق الهروي وابن المنذر وابن المعذِّل والرمادي وابن أبي إسرائيل وابن سريج النقَّال وعلي بن طبراخ ومصعب الزبيري وتوقَّف غيرهم ؛ وإنما ذكرتُ من ورد اسمهم وهم يعقوب وشيوخه في الموسوعة 1/117 ، وكلهم أئمة عدول رواة للحديث ، وقد حكم البراك بأن ابن شيبة من أئمة الجرح والتعديل المعتدلين ــ وهو كذلك ــ ؛ فهل يكون عنده هو إماماً في الجرح والتعديل مَن كان مجروحاً عنده هو أيضاً بالتوقُّف ؟!.. وأرجح الظن أنه قدَّم للكتاب وهو لم يقرأه ، وإنني لأعجب من دعوى الإجماع مع توقف هؤلاء وغيرهم ، ثم هل نكفر أو نبدع هؤلاء أو نصفهم بالجهمية والجهم جزم بإحدى الدعويين ولم يتوقف ، وهل نُـحرق كتب المؤلفين منهم ...

وثالث ذلك : تسمية التابعين رحمهم الله تعالى سلفاً في مسألة خالفوا فيها السلف الأول ؛ فهل نُسمِّي اختلافهم إجماعاً؟.. ثم تجد الدعوى بأن من جزم بإحدى الدعويين يدَّعي أن بجانبه السنة ، ولم أر والله سنة ثابتة ، وإنما هي استنباطات عقلية من نصوص غير دالة على مرادهم .. ولو أُتيح الاستنباط العقلي في أمر غيبي يتعلق بالرب سبحانه لكان مخالفوهم أسعد بظاهر النصوص التي نئدها بسكوت السلف وبالمانع من الخارج وهو المحذور اللغوي ، وغيابُ التكييف لتكلُّم الله الذي يصدر عنه كلامه .

ورابع ذلك : أن جمهور التابعين غير المتوقِّفين رحمهم الله تعالى قابلوا دعوى لا برهان عليها بدعوى لا برهان عليها ، وهذا لا يجوز في أمر غيبي يتعلق بالرب سبحانه ؛ وإنما تُردُّ الدعوى الباطلة بالردِّ إلى صمت السلف الأول .

وخامس ذلك : أن البراك جزم بأن القرآن غير مخلوق ، ولم يسعه ما وسع السلف الأول ؛ فما باله حينئذ يحتج بقول ذوي الدعوى المحالة في التصور ، وهي دعوى من قال : ( القرآن لا خالق ولا مخلوق ) ؛ فهذا نقضٌ لجزمه بأن القرآن مخلوق ، ولكن الغريق يتعلق بكل قِشَّة ؛ وبهذا تعلم أن جمهور التابعين لم يُجمعوا على رأي ؛ فمنهم من قال القرآن مخلوق جزماً ، ومنهم من قال القرآن لا خالق ولا مخلوق ، ومنهم من كفَّر أو بدَّع المتوقِّف ، ومنهم من توقَّف ، ومنهم من بدَّع من قال لفظي بالقرآن مخلوق ، ومنهم من دحض هذه الفرية منذ الكرابيسي إلى البخاري إلى الذهبي إلى الشوكاني رحمهم الله جميعاً .. والبخاري صاحب الصحيح رحمه الله تعالى ألف خلق أفعال العباد ، وهو من مراجع مَن بعدهم من أهل السنة التي يُطبقون عليها أجفانهم ، وهو على صِغَر حجمه خصيب الفائدة .. ونصَّ المؤرخون على أن محمد بن يحيى الذهلي رحمه الله حسد البخاري فأثار عليه العامة الذين هم فوق مستوى ذوي العربجة في الإنترنت ، والذهلي رحمه الله على إمامته لا يبلغ إمامة البخاري .. وفرق بين البخاري والمعتزلة ؛ لأن البخاري يجعل أفعال العباد من خلق الله ؛ لأنه سبحانه خالق الخلق وما عملوا .. والمعتزلة يجعلونها من خلق العبد نفسه لا من خلق الله ؛ ليفروا من شبهة الجبر ؛ ففروا إلى ما هو أشد قُبحاً ، وهو تعجيز الله سبحانه بألسنتهم وأقلامهم .

وسادس ذلك : أن أهل السنة من التابعين ردوا وأصابوا على الجهمية بإلزامهم أن معبودهم عدم عندما قالوا عن الرب سبحانه : ( ليس داخل العالم ولا خارجه ) ؛ لأنه لا يوجد ثالث غير مرفوع إلا العدم ؛ فما بال بعضهم قَبِل الآن ( لا خالق ولا مخلوق ) ، وإنني أودُّ أن أعرف من لغة العرب أو الزُّط مسمًّى معروفاً لشيئ غير خالق ولا مخلوق .. حتى ارتفاع القابليَّة في الاحتجاج لدى أهل الأحوال في قولهم : ( لا يوصف الجدار بأنه أعمى أو بصير ) مردود بأن الجدار في حِسِّنا لا يبصر ، وضد البصر العمى ولا ثالث لذينك ؛ ولهذا وُصف بأنه جماد .. أما أن يكون للجماد نطق وشهادة وتسبيح مما يخالف القابلية فذلك حقٌّ لا نعلم كيفيته ؛ وإنما علمه عند الله .. والأسماء والأوصاف التي يطلقها البشر إنما هي حسب مشاهدتهم !!! ؛ ولهذا جرى أهل البيان على وصف الجماد بما يزعم أهل الأحوال أنه خلاف القابلية ؛ فيوصف الحجر مثلاً بأنه أصم لا يعقل .

وسابع ذلك : خلط الأوراق في زعمهم أن المتوقف شاكٌّ ؛ وإنما الشك مقابل النص ، والمتوقِّف ليس بمقابِل نص .. وكل نص شرعي يُورد عليه النقد من ثلاث جهات ثنتين منهما واجبتان والثالثة كفر ؛ فالواجبتان تحقيق النص ثبوتاً بالنسبة للحديث وبعض القراءات ، وتحقيق النص دلالة وهذا عام في كل نص شرعي ، وما لم يحقق المجتهد هاتين الجهتين فهو في شك من ثبوته أو دلالته .. والجهة الثالثة التي هي كفر الشك في معقوليته وحكمته وعدله ومرحمته ،ثم الجرأة على وصفه بالقسوة أو الهمجية .

وثامن ذلك : تعليق جاهل ظلم نفسه بالتعرض لما لا يحسنه ؛ فزعم أن سكوت الصحابة شيئ غير التوقف ، وقد بينت في مقالتي أن السكوت ناف أن يكون لهم قول في أمر غيبي يتعلق بربهم سبحانه ، وما ضمن لنا ربنا أن يعلِّمنا حقيقة كل مغيب ؛ فلا بد من توقفنا نحن ؛ لنحقِّق سكوتهم ؛ لأنهم السلف الأول بمدلول الآية الكريمة من سورة التوبة ونصوص غيرها ، وسأحقق معنى السلفية إن شاء الله في مباحث ( هذه سلفيتي ) في جريدة أو كتاب .. وزعم هذا المسكين أن الصحابة سكتوا عن بدع لم تقع في عهدهم ،وهذا هو خلط الأوراق ؛ لأن ما هو كفر أو فسق أو بدعة لا نعرفه إلا بنص شرعي صريح كعلم الله بالجزئيات الذي أنكره المعتزلة وليس في الصحابة رضي الله عنهم معتزلي ، وهذه القطعيات هي إجماع مَن سكت منهم ، وهي إجماع مَن رُوي له قول كما نجد في الأسانيد عن معاني عموم العلم في كتب التفسير ، وأما ما لم يرد به نص شرعي ، ولم يُـحفظ فيه عن الصحابة قول في أمور الغيب التي لا يقع منها شيئ في الدنيا كتغيير خلق الله فسكوتهم هو الإجماع والسيرة العملية ؛ لهذا يكون القول بأن القرآن مخلوق بدعة ، والقول بأنه غير مخلوق بدعة ، والسنة سكوتهم في أمر غيبي يتعلق بالرب سبحانه ؛ فمن جاء بنص صريح صحيح على إحدى الدعويين فالحجة له مُسَلَّمة ، ولكن لا سبيل إلى ذلك .. وزعم هذا المتفيهق أن الحكم بكون القرآن غير مخلوق جزماً أمر مسلَّم عندهم ؛ فما أعظمها من جرأة على الافتراء ؛ فبأي برهان نسبتَ إلى ساكت هذا القول .. وافترى ثانية فزعم أن السكوت محصور فيما هو بيِّن لا يحتاج إلى بيان ، وعلى هذا لا يكون الإمساك عما لا علم لهم به من أمور الغيب سكوتاً ، والحمق والجهل والتمعلم يجرُّ إلى أكثر من هذه المكابرة ؛ فاعلم يا هذا أننا لو استسلمنا لافترائك هذا لقلنا : الأمر البين عندهم أن القرآن محدث ؛ لأنه ورد به نصان صريحان في سورتي الأنبياء والشعراء ، وهم يعرفون معنى الحدوث من لغتهم .. ولكن معاذ الله أن ننسب إليهم ما لم يقولوا ، بل هذا أمر لم يأتهم بيان حوله ؛ فلا يتكلَّفون الحكم في الغيب في حق الله ؛ إذ لم يأتهم نص بالخلق .. يمسكون عن الخوض في ذلك ولو كان أدنى ما عندهم المحذور الذي أسلفته من كون وصف المتكلم بأنه يخلق ما يقول يعني الكذب في كلام العرب المركَّب المأثور عنهم .. أي الاستعمال الأدبي لا معنى المفردة اللغوية ، مع أن كيفية كلام الله من الغيب ..

والتوقف هو الواجب على من بعدهم ؛ لأنه سكوت عما سكتوا عنه ..وتفلسف هذا المتفيهق بطلب الأدلة الكلية والجزئية ــ وهذا التقسيم أصولُ فقهٍ جديدة ــ ؛ فيا ليته يعطينا هذه الأدلة الكلية والجزئية حتى نتوصل إلى المغيِّب من مذهب الصحابة رضي الله عنهم ؛ لأن كلا الدعويين غيب في سكوتهم .. ولنعلم المغيَّب من أمر يتعلق بالله سبحانه وتعالى .

وتاسع ذلك : أن هذا المعلق ما زال يخلط ويملط ، وما عليَّ أن أعامله بالحلم مع أن صدري يضيق من التفيهق والتمعلم من جهول .. قال : إن الأدلة قاطعة : ( على أن القرآن كلام الله ) فقلت : صدقتَ .. وقال : ( وأنه منه خرج ) فقلت : ( أخطأت تيك الحفرة ) ؛ وإنما قالوا : ( منه بدأ وإليه يعود ) ، وصفات الله لا تخرج عنه وتزايله وسنحتاج إلى هذه الكلمة البدعية ( منه خرج ) في مناقشة دعوى بدعية أخرى ، وهي اللغو بتعلق الحوادث بالله سبحانه أو عدم تعلقها مما طُرح من علم الكلام المذموم في غيب من غيوب الله عن الله جل جلاله ، ورأيت في موسوعة العقيدة للشيخ الألباني رحمه الله كلاماً نقله ورد عليه جزاه الله خيراً ، وهو هل تكلم الله بفم ولسان وشفتين ونَفَس؟؟!!.. فمثل هذا الكلام القبيح الموحش يجب ألا تخطر به وساوس الظنون ؛ لأننا مؤمنون بأن الله سبحانه يتكلم بما يليق بجلاله وعظمته من غير تكييف ولا تمثيل وصفي ولا تشبيه ولا نسبة جوارح لم يرد به نص ؛ وإذا حُجبت عنا الكيفية في المغيب حَرُم بأي استنباط أن نبتدع أي مقالة غير العلم بأن التكلُّم صفة الله الاختيارية وهي أولية بلا بداية آخرية بلا نهاية .. أي أنه يتكلم ، وأن الكلام مضاف إليه سبحانه لا مثل إضافة الوجه ، وأن كلامه سمعته الملائكة عليهم السلام وموسى عليه الصلاة والسلام وكل من كلمه الله ، وأنه مشبَّه بالسلسلة على صفوان ، وأن القرآن له بداية ونهاية ، ومن زاد على ذلك فقد افترى ، وأبيتُ كلمة الخروج لغياب النص والكيفية معاً ، والتعبير بهذه الكلمة يعني القول بالخلق .. و ( أن كلامه صفته ) فقلت : كذبتَ ليس في القرآن ولا في الحديث نص على ذلك حسبك الله ، ولا يوصف الله بأنه الكلام أو القرآن ، وإنما يوصف بالتكلم والتكليم ؛ وإنما يُضاف إلى الله ؛ فيقال : ( كلام الله ) ، وما يضاف إلى الله بالاستقراء قسمان : إضافة مخلوق إلى خالقه كعبدالله وبيت الله وناقة الله يا سقياها .. وإضافة صفة ثبوتية كيد الله وسمع الله ووجه الله ، وصفات الله سبحانه وتعالى يُنسب إليها الخَلق ؛ لأن التلازم مُطَّرد بين أسماء الله وصفاته ؛ فهو سبحانه يخلق بقدرته وعلمه وحكمته وسمعه وبصره ؛ فخلقه وفعله كلُّه صادر عن كل صفات الكمال الثبوتية ، وعند التقديس النافيَّ كل غيب ونقص ، وله سبحانه فعل قد لا يصدر عنه خَلْق كمجيئه ونزوله بما يليق بجلاله وعظمته ؛ ففعله هذا غير حادث ، بل هو أول بلا بداية آخ بلا نهاية ؛ وإنما الذي حدث الوقت الذي أقَّته ربنا سبحانه وتعالى .. ثم ما هذا الهراء في قولك : ( وهو سبحانه بصفاته الخالق العظيم لم يتسلط عليه خالق ليخلقه أو يخلق شيئاً منه )؛ فهل هذا في محل النزاع عن وجوب التوقف ، ولماذا هذا الافتراض الأرعن المنافي وحدانية الخالق في قولك : ( لم يتسلط عليه خالق ) ؛ فتدرب على العلم قبل أن تفضحنا بجهلك .

وعاشر ذلك : أن عامياً قليل الورع من آل عقيل تدخَّل في مسألة شرعية لا يملك وسائل المعرفة لإدراكها ؛ ليستعطف الناس ؛ فَيُقِرُّوا له أنه من الأشراف ؛ لأنني تبرَّأتُ من أبناء عمي الذين زوَّروا نسبهم .. ووصفته بقلة الورع لأن الدعوى في النسب من الكبائر غير السبع ؛ لأن الله لعن من فعل ذلك بالنصوص الشرعية الصحيحة الصريحة التي أوردتها في الرد على الكتابين المزوَّرَين ، والدعوى من الكفر العملي كما نص على ذلك ابن حجر العسقلاني رحمه الله ؛ فإلى متى يظلُّ هذا الدَّعِيُّ في محادَّة الله ؟!.

قال أبو عبدالرحمن : نحن خضيريون بالحرفة ننتسب إلى الخزرج نسباً ــ وهو الأرجح ــ أو ولاءً ، وقد أحضرتُ للجهلة نسبهم المسلسل إلى عقيل بن عمر جدي الخامس عشر رحمهم الله تعالى من المدينة المنورة ، وتهافتوا عليَّ يستعجلون طبع الكتاب ، وأوراقهم عندي بتوقيعهم .. ثم في خلال شهـرٍ التفَّ عليهم طارشٌ من سوريا يدَّعي أنه ابن عمهم ، وزوَّر لهم كتابين أعرف قصتهما كاملة ، وأسقطوا قاتلهم الله بحديث رسول الله ^ جدَّهم عقيلَ بن عمر ، وشبكوا أنفسهم بعقيل بن أبي طالب رضي الله عنه بلا حجة ولا برهان ، ولا شبه حجة .. وكل خَيِّنة ( ) عليها من الله بيِّنة ؛ فكانت أيضاً دعوى التسلسل إلى عقيل رضي الله عنه خلاف المعروف تاريخياً من ذريته ، وأنا أبرأ إلى الله مِن كل مَن خرج عن نسبنا ، وأعاديه في الله ، وأمنع شرعاً دعوى الإرث والعاقلة .. ولم أكتف بفضح الكتابين ، بل تقدَّمتُ للإجراءات الإدارية ، ورهنت كتابي ( هذا نسبي : ذرية مَن حملنا مع نوح ) إلى آخر عام 1432هـ أنتظر توبة من يتوب منهم ، وتعقَّل مَن يعقل منهم ؛ فإن لم يفعلوا حسمت الأمر بالبراهين ، وبما في يدي من توقيعاتهم وتوسُّلاتهم .

والأمر الحادي عشر : أن كثيراً من الأحباب لاموني على العنف ، ولا أراهم جميعاً وإن كثروا مصيبين ، وما فعلته هو الذي لا يجوز غيره بحكم الشرع ؛ لأن الحلم على أهل الباطل إنما يكون إذا لم يترتب على الحلم مفسدة ، وهذا البراك يتخبط في غيب ربه بلا برهان إلا التقليد الذي نشأ عليه ، وما يترتب على هذا التقليد من تكفير أسأل الله العافية ، ثم يأتي لغوه الذي سميتموه نصحاً بتأستذٍ بليد ، ووالله لقد ضقت بهذه الملاحقة التقليدية حتى ألغيتُ رسالة الدكتوراه بعد التسجيل ، بل بعض المشايخ الوافدين رأوا ما ينيف على 120 صفحة حررتها عن القياس وحكمه وعلافته بالنظريتين الشرعية والبشرية ، وهل هو حجة في نفسه ؛ فما زاد على أن قال : ( إبعد عني أنا مُشْ أَدَّكْ )وما وجدت سعة الأفق والعلم عند مثل سماحة الإمام عبدالرزاق عفيفي ؛ فإذا كان هذا التأستذ البليد من البراك بكل الصفات التي أسلفتها مع الغمز واللمز متقوِّياً عليَّ وهو تقوٍّ على الحق بضجيج العامة ذوي الإرث التقليدي ؛ فهل أرفق به بعد ذلك وأجعله أو غيره قدوة للمسلمين .. لا والله سأصدع بالحق في حماية جانب التوحيد واحترام غيب الله وما يتعلق به جل جلاله من التخبط عن قول بلا علم ، وأقول لكل من ضج ضجيج العامة كالذي رأيته في الإنترنت ما قاله الإمام أبو محمد بن حزم رضي الله عنه :


عُضُّوا على صُمِّ الحصى كمداً * * * من مات منكمْ عندنا كفن


والأمر الثاني عشر : اطلعت على تعليقٍ مليح ــ وتعجبني النكتة ولو كانت على نفسي ــ رأى شجاعة أسطري ورأى ضعفي ؛ فقال : (( من أنت يا ابن عمر )) ، وصدق والله إنما أنا محمد بن عمر طويلب علم ؛ ولكنها شجاعة القلم ، وإرْخاصُ الحياة المطمئنة على الباطل ، وإلى لقاء إن شاء الله مع الضميمة الثانية ، والله المستعان .


وكتبه لكم :
أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
ــ عفا الله عنه ــ


قال أبو عبد الله الريحان: هذا آخر ما كتبه العلامة حفظه الله، وبالله تعالى التوفيق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
العلامة ابن عقيل الظاهري يقول: أهذه أُمِّيَّةٌ فكرية ، أو تأميم علمي؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجديد في مكتبة العلامة الشيخ أبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
» رد الإمام ابن عقيل الظاهري على الشيخ التويجري
» ابن عقيل الظاهري يرد على العشماوي : يا ويحه إذا لقي الله على هذا الكذب!
» رد الإمام ابن عقيل الظاهري على الشيخ التويجري في عدالة ابن حزم
» الحج تصوراً وسلوكاً -مقال للعلامة ابن عقيل الظاهري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منهج أهل الظاهر :: مقالات أهل الظاهر من المعاصرين :: قسم العلامة ابن عقيل الظاهرى-
انتقل الى: