بارك الله فيك شيخنا عبد الباقي السيد,
استوقفتني الجملة التالية:
وعندها بدأت تتساءل قائلة انه إن كانت قوانين الله مبنية ببساطة على الخوف، لماذا لا يدير أصدقائي الذين أحبهم واحترمهم لهذه الشعائر والتحول للشراب
والتمتع بالحياة كما نفعل نحن في الغرب'
هذه مسألة جوهرية لا يلتفت المسلم عادة إلى عمقها وقوتها, ألا وهي أن الوازع الذي يحكمه على الحقيقة ليس تشريعا
يملك عليه نفسه رهبة وخوفا, وإنما الذي يحرك القلوب في هذا الدين على الحقيقة هو حب الله والرغبة في رضاه
ورجاء ماعنده من الخير دنيا وأخرى. وهذا ما لا يستطيع أهل مذهب أودين غير الإسلام أن يدعوه لأنفسهم,
كل ماعندهم قهر وخضوع وتسليم وإذعان لقوة القانون والنظام, لهذا كانت القوانين المادية الوضعية بل
الوضيعة صارمة جامدة جافة تحيل حياة الناس جحيما رتيبا لا يطاق, وهذا الفارق يحيلنا على خاصية من
أعظم خواص الشريعة الإسلامية, فهي شريعة ربانية يقبل عليها من آمن من الخلق بحب وإخلاص, فالامتثال
لها عبادة, ومن شاء أن يفهم أسرار هذا التميز الأخلاقي الذي يرفع الشريعة الإسلامية إلى مراتب تكل عنها
أبصار كافة الأديان والملل والنحل فليقرأ السفر الجليل: دستور الأخلاق في القرآن, للحبر الأزهري محمد
عبد الله دراز رحمه الله فقد أجاد فيه وأفاد.