ميزان للنقد ينبغى ان نلزمه عند مناقشتنا لكلام المخالف

إخوانى الكرام حياكم الله وبياكم حقيقة كلما امعن النظر فى كلام الحافظ الذهبى فى كتابه الماتع " سير اعلام النبلاء" أجد أنه حقيقة كتاب كتب بالذهب وان صاحبه كتبه بإخلاص محض.
وقديما استوقفتنى كلماته بشان العلامة ابن حزم لما قال عنه " الإمام الأحد ...."
ولما دافع عنه بإنصاف ضد انتقاص القاضى أبى بكر بن العربى المالكى منه .
بل حتى عند نقده للعلامة ابن حزم جاء النقد لينا فقال فيه " وأقطعُ بخطته في غير ما مسألةٍ، ولكن لا أُكفِّره، ولا أُضلِّلُه، وأرجو له العفوَ والمسامحة وللمسلمين، وأخضع لفَرْط ذكائه، وسَعة علومه.
وقال أيضا عنه رغم مخالفته له " وفي الجملة؛ فالكمال عزيز، وكلُّ أحدٍ يُؤخذ من قوله ويترك؛ إلا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. وكان ينهض بعلومٍ جمَّةٍ، ويُجيد النَّقل، ويُحْسِنُ النَّظْمَ والنَّثْرَ. وفيه دِينٌ وخَيْر، وتورُّعٌ، وتزهُّدٌ، وتحرٍّ للصِّدق، ومقاصدُهُ جميلةٌ، ومصنَّفاته مفيدةٌ، وقد زهد في الرِّئاسة، ولزم منزله؛ مُكِبَّاً على العلم، فلا نغلو فيه، ولا نجفو عنه، وقد أثنى عليه قَبْلَنا الكبارُ:
وهذا الميزان وجدناه فى جل التراجم التى طرحها العلامة الذهبى فى هذا الكتاب المتميز .
ومن أمتع ما وقعت عيناى بشأن ميزان النقد لكلام المخالف ماذكره هذا الإمام الفذ فى سيره عندما قال فى ترجمة الصحابى الجليل معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه " فنحمد الله على العافية الذى أوجدنا فى زمان قد انمحص فيه الحق ، واتضح من الطرفين ، وعرفنا مآخذ كل واحد من الطائفتين ، فتبصرنا ، فعذرنا ، واستغفرنا ، وأحببنا باقتصاد ، وترحمنا على البغاة بتأويل سائغ فى الجملة ، أو بخطا إن شاء الله مغفور ، وقلنا كما علمنا الله ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم) الحشر آية 10 (1)
ــــــــــــ
أنظر : سير أعلام النبلاء ، 3/128.