هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  دخولدخول  التسجيلالتسجيل  

 

 العلامة أبو عبد الرحمن الظاهري: الظاهرية كانت المذهب الرابع قبل أن يوجد المذهب الحنبلي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
دكتور عبدالباقى السيد
مدير المنتدى
مدير المنتدى



عدد المساهمات : 1147
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
العمر : 48

العلامة أبو عبد الرحمن الظاهري: الظاهرية كانت المذهب الرابع قبل أن يوجد المذهب الحنبلي  Empty
مُساهمةموضوع: العلامة أبو عبد الرحمن الظاهري: الظاهرية كانت المذهب الرابع قبل أن يوجد المذهب الحنبلي    العلامة أبو عبد الرحمن الظاهري: الظاهرية كانت المذهب الرابع قبل أن يوجد المذهب الحنبلي  Icon_minitime1الأحد سبتمبر 02, 2012 11:37 pm

العلامة أبو عبد الرحمن الظاهري: الظاهرية كانت المذهب الرابع قبل أن يوجد المذهب الحنبلي
الجمعة 13/11/2009
مواجهة - ساري الزهراني
ونستكمل في هذا العدد مواجهتنا مع أبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري حيث يكشف
لنا أن الظاهرية كمذهب كانت المذهب الرابع قبل وجود المذهب الحنبلي،
مدافعا في ذات الحوار عن الظاهرية والظاهريين فهو لا يعرف ظاهريا إلا ويعتز
بظاهريته سوى قلة منهم. مقر بمنعه من الفتوى ومنكرا القياس وأن من أباحه
لم يتفقوا على قياس معين في مسألة واحدة، وأن التواتر باطل إذا عُلم الزمن
الذي حصل فيه التواطؤ على الكذب، وأن أبا تراب الظاهري -رحمه الله- لم يكتب
عن الظاهرية شيئاً إلا في مسائل قليلة والجانب النقلي عنده أكثر من
الفكري- بحسب تعبيره... فإلى سطور المواجهة في حلقتها الرابعة:
دعني أعود إلى الظاهرية فقد لوحظ انتشارها في العراق وخراسان والأندلس، وليست منتشرة في المجتمع السعودي.. إلى ماذا يرجع السبب؟
* وأي عجب في هذا؟!؛ فليس المذهب الحنبلي في أفريقا، وأكثر بلاد العرب
والمسلمين انتشر فيها المذهب الحنفي.. وبالنسبة لبلاد فارس والعراق
فالظاهرية كانت المذهب الرابع من المذاهب الرسمية قبل أن يوجد المذهب
الحنبلي رسمياً كما أسلفتُ، ولستُ أنفي وجود عدد من الظاهرية في السعودية،
وأما الأخذ بالظاهر، والاكتفاء به على النحو الذي سلف لي التبسُّط فيه ولم
يكن تقليداً لأهل الظاهر: فهو كثير بحمد الله في كتب العلماء من غير أهل
الظاهر كالإمام الشافعي وكتب الحنابلة وكتب ابن جرير، بل ألف السمنودي
كتابه : ( سعادة الدارين في الرد على الظاهرية ومن قلدهم من الوهابية)؛
فجعلهما شيئاً واحداً؛ لكثرة التوافق تطبيقاً، والتقارب تأصيلاً، وأما
بالنسبة للأندلس فما كانت الظاهرية مذهباً رسمياً إلا في عهد الموحدين، وفي
عهد ابن حزم ومنذر بن سعيد وابن مفلت رحمهم الله جميعاً كانت مذهب أفراد
يدعون لها ويتحملون ما يجدونه من مضايقة.
انتشار الظاهرية
وإلى ماذا تعزو عدم انتشار المذهب الظاهري في المجتمع السعودي؟
- الانتشار وعدمه يقومان على شيء واحد هو أن يحمل الإنسان فقه غيره
تقليداً، وأن يَدْرس على مذهب معيَّن؛ ليقبل إذا تخرج قاضياً أو مدرساً؛
فالمذهب الرسمي للدولة تقليد وتنشئة، والعبرة بمن يحمل فقهه هو، ويقرأ
ويحاكم ويرجع إلى أصول؛ فسيقوم لديه ترجيح وتصحيح، وسيكون ظاهرياً وإن لم
يتسمَّ بالظاهرية؛ ومن ثم نعود إلى مجدنا التاريخي باجتماع مدارس المجتهدين
في إقليم واحد .
ابن جرير والظاهرية
هل يعد ابن جرير واحداً من أبرز مشايخ الظاهرية؟
- ابن جرير تتلمذ على داود الظاهري رحمهما الله تعالى مدة من الزمن، ثم ترك
حلقته، ورد عليه، وسمى رده (الرد على ذي الأسفار)، وصار له مذهب مستقل
يعرف بالمذهب الجريري من أتباعه المعافى الجريري، ثم انقرض أتباعه؛ وإنما
انصرف عن شذوذ داوود رحمهم الله تعالى جميعاً، وأما استنباطه في مثل تفسيره
فمعظمه على الأخذ بالظاهر بالمعنى الذي سبق أن أسلفته.
الاعتزاز بالظاهرية
يدعي البعض بأن الظاهريين في الغالب لا يصرحون بظاهريتهم، هل مر عليك بعضٌ من هؤلاء ممن تقرأ في مؤلفاتهم جوانب ظاهرية مستترة؟
- لا أعرف ظاهرياً إلا وهو معتزٌّ بظاهريته، ومصرح بها، وداعٍ إليها سوى
قلة طبعهم المسالمة كأبي الفتوح الحميدي وأبي حيان رحمهما الله.. ولكن هناك
متعاطفون مع الظاهرية لم يتسموا بها، بل يثنون عليها مثل الشوكاني
والمَقْبَلِي والصنعاني رحمهم الله.. وأما الصوفي رُوَيم، والحلولي
الاتحادي ابن عربي فليتهما لم يدَّعيا الظاهرية!!.. كيف يجتمع الظاهر مع
دعاوى باطنية؟.
جملة من المشايخ
ومَن مِن مشايخ العصر الذين تعتقد أنهم يميلون إلى الظاهرية؟
- جملة من المشايخ خاصة علماء الحديث في الهند، وكثير من المعاصرين كالشيخ
أحمد شاكر وإحسان عباس رحمهما الله تعالى ومحمد السمان رحمه الله حيّْـاً
أو ميتاً.
وفي المجتمع السعودي؟
- قلة.. أعرف منهم الشيخ الدكتور عبدالعزيز الحربي، وأبا عبدالملك النويمس،
وأبا عبدالله بن سُعَيِّد.. وقبلنا الشيخ أبو تراب رحمه الله، وهيئة كبار
العلماء ترجع إلى المحلى.
التطاول على الظاهرية
ماذا تعني بالتعاطف؟
- أقصد به جانبين: الإعجاب بجوانب علمية كثيرة، وأنهم يُنحون باللائمة على
من ظلموا الظاهرية، بل منهم من يتطاول عليهم وهم لا يساوون قطرة من بحرهم
مثل القاضي أبي بكر ابن العربي عفا الله عنه على الرغم من أن والده من
تلاميذ ابن حزم إلا أنه يردُّ على ابن حزم والظاهرية ويتطاول عليهم وهو
فقيه مالكي مقلد لا يبلغ شأو ابن حزم ولا يكاد، وعباراته عربجية؛ فالظاهرية
عنده جهلة بالعلم، ووصفهم في موضع من كتبه لا أستحضره الآن بأنهم
حمير؟!!.. ولم يسلم أحد من الأئمة من عربجته كالإمام الشافعي والعلامة
الجصاص رحمهما الله ، وعفا عنه.
إنكار القياس
أنتم ترفضون القياس والاستحسان والمصالح المرسلة على اعتبار أن الله لم
يُنزِّل بها من سلطان، وتعتدُّون بالإجماع علماً بأنه لم ينزل الله به من
سلطان؛ فكيف تجمعون بين هذين النقيضين؟
- هذا خلط شنيع هداكم الله؛ فأما بالنسبة للمصالح المرسلة فهي مذهب
المسلمين، وهي أمر فوَّضه الله تعالى إلى ولاة الأمر ليس فيه حدٌّ شرعي مثل
التعزير للجاسوس؛ فالجاسوس قد يصل به الذنب إلى القتل تعزيراً لا حداً،
وكذلك مروِّج المخدرات وفعل الفاحشة غير الزنا إذا كثر.. كل هذه الأمور
مفوضة إلى اجتهاد ولاة الأمر من العلماء والحكام وفق ما يرونه من واقع
الحال، وكذلك التعامل مع دولة ما: هل نتصالح معها أو نحاربها؟ ؛ فهذا
فوَّضه الله إلى ولاة الأمر حسب القدرة والمعادلة بين المصالح والمنافع،
ولا يمكن لأحد أن ينكرها.. وأما الاستحسان فهو بالشرع، وليس برأي فلان
وغيره، والاستحسان بالشرع يعني الأخذ بالأرجح في الاستنباط من موارد
الشريعة ومن مقاصدها.. وفي الحقيقة يدخل فيه هو نفسه المصلحة المرسلة..
وأما القياس فأُشهد الله على إنكاره في أمور الشرع؛ لأن القياس على قسمين:
قياس دنيوي؛ فالتجربة تبدأ بالملاحظة وإبداء التجارب ومقايستها ومعرفة
النتائج من التساوي أو التفارق؛ فهذه نحن متعبدون فيها بعقولنا في أمور
دنيانا.. ولا حجر علينا في أمور دنيانا، وأما في الشرع إذا أمرنا الله أن
نقيس فهذا القياس نص رباني وليس قياساً بعقولنا، والقياس الذي أمر به
الصحابة رضي الله عنهم وفعلوه هو ما كان المقيس فيه منصوصاً عليه بالمعنى؛
فهذا حجة شرعية، أو كان الفارق غير مؤثر، وهذا حجة عقلية لا يدفعها احتمال
معتبر، أو يكون الاحتمال المعتدُّ به مرجوحاً.. والعقل حجة شرعية في إطار
النص، وما عدا ذلك فإنكار الصحابة والتابعين رضي الله عنهم للقياس محفوظ
مشهور .
القياس نصاً
إلى ماذا تستند في ذلك؟
- قول ربنا سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا
الصَّيْدَ وأَنتُمْ حُرُمٌ ومَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ
مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ
هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ
عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وبَالَ أَمْرِهِ)؛ فهذا قياس نصّْاً،
وأما نحن فلا نقيس شرع الله إلا لنبين عدم الفارق المعتبر شرعاً، أو لنظهر
أن الباب واحد؛ لكون المقيس منصوصاً على معناه ؛ فإذا جاء نص الشرع بمثل
قول رسوله صلى الله عليه وسلم : (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن
يغسله سبع مرات ويعفره في الثامنة بالتراب)؛ فهذا لا يعني أن نقول بغسله
إذا ولغ فيه الخنزير أو الأسد سبع مرات؛ لأن النص جاء بالاسم لا بالصفة
السَّبُعِيَّة أو الحيوانية، ولم يقل: ( إذا ولغ في إناء أحدكم معقوف
الذنب، أو السبع)؛ فنحن نتقيد في هذا بالاسم، ونُطهِّر الإناء من السباع
غير الكلب حتى تطهر بأي عدد كان؛ وأما عندما قال ربنا سبحانه وتعالى : (
الشَّهْرُ الحَرَامُ بِالشَّهْرِ الحَرَامِ والْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ
اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى
عَلَيْكُمْ )؛ فهنا نص من ربنا بالمعنى وليس بالاسم؛ فيشمل من ضرب إنساناً
حتى مات نضربه حتى يموت، ومن أحرق إنساناً أحرقناه.. وهكذا كل ما انطبقت
عليه صفة الاعتداء إلا ما استثناه نص كالمُثْلة المُحرَّمة، وقد أراد
عوامُّ الأندلس إحراج الإمام أبي محمد رحمه الله؛ فقالوا: ( لو نكح إنسان
إنساناً حتى مات أتنكحونه حتى يموت)، ولحرمة نكاح الذكر قال: ( بل نستدبره
بوتد حتى يموت).. ولم يُوفَّق رحمه الله؛ لأن هذه مُثْلة، بل الجواب
بالاستثناء من المقاصة؛ لأن اللواط محرَّم، ولكن بأن يعزَّر على الفاحشة
وقد يصل التعزير إلى القتل.. ثم يُقتل قصاصاً إلا أن يتنازل أولياء
المقتول.
القياس المشروع
ولكنكم بذلك تسقطون الأصل الرابع لدى عموم المذاهب الإسلامية وهو القياس؟
- بينتُ لكم وفقكم الله القياس المشروع، والقياس غير المشروع؛ فلا أسقط
شيئاً، ولكني أكتشف ما أسقطه الله.. ووالله العظيم ما اتفق العلماء على
القياس الذي ذكرتُ أنه محظور، ومن أباحه جاء بظنون لا يقين فيها أو رجحانَ
لا بضرورة شرع، ولا بضرورة برهان علمي من العقل والحس كعللهم الكثيرة في
الربا؛ فهم لم يتفقوا على قياس مُعيَّن في المسألة الواحدة.
العدل والحق
قال الله تعالى في كتابه : ( اللَّهُ الَذِي أَنزَلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ والْمِيزَانَ).. هذا خلاف ذلك؛ فما هو الميزان إذن برأيك؟
ـ الميزان هو العدل والحق مما عُرف بالشرع أو بيقين العقل .
أليس من العدل إعطاء المتماثلين حكماً واحداً؟
- إذا كان الله أعطاهما حكماً واحداً متماثلاً في الشريعة، ولم يكن الحكم
خاصاً، والأصل المستصحبُ إذا لم يرد برهان شرعي يصرفه أن للمتماثلين حكماً
واحداً.. والتماثل مطابقة، والتشابه مقاربة: فللمتشابهين أيضاً حكم واحد
إذا كان الفارق أو الفوارق غير مؤثِّرة شرعاً، وأظن أن فيما أسلفته كفاية؛
فإن أردت زيادة مناظرة فعليك بنقض ما قلته بحجة؛ لأقتنع أو تقتنع، ولا
تكرِّر الدعوى بسؤال جديد؛ فليس هذا من نظرية المعرفة في أصول المناظرة
وآدابها .
لا فرق بينهما
ولكن الشريعة لا تفرق بين المتماثلين؟
- الشريعة لا تفرق بينهما إذا كان الحكم عاماً ليس خاصاً بأحد، وتجمع بين
غير المثلين إذا كان النص بالصفة والمعنى دون الاسم؛ فإذا جاء الشرع نصّْاً
على الاسم كالكلب فهل نسوي بينه وبين الخنزير لوجود الدود فيهما.. كلا، بل
نطهر الإناء من الخنزير حتى يطهر غير متقيدين بالأعداد في الكلب، ولو نص
الشرع على السبع أو الدود لوجبت التسوية.. وتكرار معاني الأسئلة حفظكم الله
يوقع في تكرار معاني الأجوبة.
وماذا تقول في قوله عليه الصلاة والسلام (أرأيتم لو وضعها في حرام أيكون عليه وزر)؟
- كما قلت لك: (هذا نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم )، ثم إن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم أمته بالقياس هو تعليم لها بالنص.
ما السبب؟
ـ لأنه صلى الله عليه وسلم بيَّن بالنص أن في بضع أحدنا صدقة، وقاس على
النقيض المعلوم حكمه بالنص فأصبح منصوصاً عليه، وذكَّرهم في الحكم الآخر
الذي جاء بصيغة القياس وهو وارد بالنص الشرعي؛ فهذا قياس منصوص عليه
للتنبيه، وهذا هو الباب الواحد الذي أسلفته .
تلجلج خاطره
وماذا عن الإجماع، هل تأخذ به؟
- حقك عليَّ أن أصارحك بأن الإمام ابن حزم رحمه الله تلجلج خاطره؛ فقال:
(إن الإجماع هو إجماع الصحابة) رضي الله عنهم، ثم تراجع عن ذلك وقال: (إن
الإجماع هو التواتر وما يجب أن يكون عليه الاتفاق).
قال أبو عبدالرحمن: لم يرد نصٌّ شرعي بأي نوع من معاني الإجماع التي ذكرها
الأصوليون، وليس مستنبطاً من موارد الشرع .. والإجماع بمعنى حصر أقوال
المجتهدين العدول في عصر أو عصور ليس مُتَعَسِّراً فحسب، بل هو مُتَعَذِّر؛
وإنما يتحقق (عدم العلم بالمخالف)، وهو قسمان: عدم علم بالمخالف لا يساوي
معنى العلم بعدم المخالف، وهذا هو الأكثر.. وعدم علمٍ بالمخالف يساوي العلم
بالعدم كعدم العلم بالمخالف من الصحابة رضي الله عنهم برجحان يساوي
اليقين؛ لأن الله بقضائه الكوني القدري صرف همة علماء عدول الأمة من
التابعين، وتابعي التابعين لحصر ونقل أقوال الصحابة رضوان الله عليهم؛ فمن
المحال في العادة أن يندَّ شيء من أقوالهم.. وأما قاعدة (لا ينسب إلى ساكت
قول)؛ فهذا صحيح لا ينافي (أن الساكت غير مخالف)؛ لأننا متوقفون عن الدعوى
عليه بالموافقة أو المخالفة.. وهذا أيضاً لا ينافي حجية إجماع الصحابة
رضوان الله عليهم بمعنى عدم العلم بالمخالف المساوي العلم بالعدم؛ وذلك في
الأحكام؛ لأنهم قدوتنا، وهم أعلم وأبر وأطهر وأتقى لله.. وأما في الأخبار
عن حقائق بعض الأشياء فيُخالَف إجماعُهم السكوتي إذا استجد برهان حسي
كعلمنا بأنواع من الخلق الجديد المخبر عنه في قوله تعالى : ( والْخَيْلَ
والْبِغَالَ والْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وزِينَةً ويَخْلُقُ مَا لا
تَعْلَمُونَ)، وهناك إجماع جزئي من علماء الأمة وعدولها في عصر أو مصر،
ويحكم له بالإجماع بالتصويت على ترجيح الأكثر؛ فهذا ليس حجة في ذاته؛ وإنما
هو حجة لغيره للحفاظ على كلمة المسلمين، وعدم خرق فتواهم، وبلبلة عقول
العامة؛ فإنَّ تمادي الاختلاف شرٌّ..
دون المجاهرة
ويعمل الفرد المجتهد بما أدى إليه اجتهاده دون أن يجاهر به، وله أن يشرح
رأيه في مؤلفاته، ولا يفتي أهل العصر، بل يدعو إلى اتباع إجماع أهل العصر
ما ظل صفهم متحداً قائماً، وأما بيان الراجح لديه في مؤلفاته فقد يكون
مصدراً لإجماع جزئي آخر بعد مُضيِّ العملِ بذلك الإجماع الجزئي.
وهناك ما يلزم اعتقاده بضرورة العقل، وهو ما حصل بالتواتر، ولكنَّ هذا
برهان وليس إجماعاً كما قال الإمام أبو محمد ابن حزم رحمه الله تعالى..
وهناك ما يجب أن يكون عليه الاتفاق من اتباع النص المحكم الثابت يقيناً أو
رجحاناً؛ فهذا سبيل المؤمنين؛ إذ سبيلهم طاعة الشرع .. وهذا هو ما يجب أن
يكون عليه الاتفاق؛ لأن من لم يمتثل إما أن يكون عاصياً، وإما أن يكون
كافراً.. وما يجب أن يكون عليه الإجماع برهان، ولكن ليس هو الإجماع الأصولي
.
معاني التواتر
وكيف تنظرون إلى التواتر؟
- من معاني التواتر أن الناس يحجون إلى مكة المكرمة، وأن صلاة الظهر أربع،
وأن الصلوات تقام في المساجد في بلاد المسلمين إلا في عصر ومصر عُرف فيه
ردةٌ أو منعٌ إجباري؛ فهذه من معاني التواتر، وللتواتر معانٍ أخرى ذكرها
الإمام ابن حزم في كتابه الفِصَل، وذكرها غيره من العلماء رحمهم الله
جميعاً.. والتواتر برهان علمي قطعي، ويكون التواتر استفاضة في أجزاء من
الزمن، ويكون باطلاً إذا عُلم الزمن الذي حصل فيه التواطؤ على الكذب كنبش
الفاطميين قبراً في عَسْقَلان ودفنهم الجسد بالقاهرة على أنه جسد الحسين بن
علي رضي الله عنهما؛ فهذا تواتر عند العامة اليوم، وهو باطل عند أهل
العلم؛ للعلم بوقت التواطؤ على الكذب والباطل.
صلف الشباب
هل حدث مخالفة ما سميته بالإجماع الجزئي؟
- في صلف الشباب جاهرت بمخالفة شيء، وعلماءُ عصري على خلافه، وفي سنيِّ
الورع والإنابة بحمد الله تجنَّبتُ الفتوى، وإن حصل إلحاح أفتيت بما قالت
به هيئة كبار العلماء، وما عليه مذهب البلد إن كنتُ أعرف ذلك.. وأما ما
أعتقده وأحتج له فأبثه في مؤلفاتي مثل كتابي (لا صلاة للفذ خلف الصف)..
وأما في أمر العقيدة فلا أبالي بأحد، وموقفي من دعوى خلق آدم على صورة
الرحمن سبحانه معروف؛ فقد أبطلته ونسخ الطلبة بحثي من مئات الصور،
ووزعَـتْه على دوائر العلم معلناً أن الله خلق آدم على صورة آدم، وبحمد
الله لست في القضاء ولا في الافتاء .
ممنوع من الفتوى
ولكنك تطرح فكرة، وهذه الفكرة قد يطبقها غيرك، وقد لا تمارسها أنت؟
- ما أُذن لي بالفتوى، ولو أُذن لي لأفتيت فيما أعلم، واعتذرت عما لا أعلم؛
فإذا جاءني من يستفتي سأقول له: (إن مذهب الحنابلة كذا وكذا)؛ فإن ألح
عليَّ ، وطالبني بما أعتقده أنا سأقول له: (إنني ممنوع من الفتوى، ولكن ما
أعمل به لنفسي هو كذا وكذا).
أحبِّ الناس إليَّ
تُتهم بأن لك موقفاً من الحنابلة؟
- إمامهم الإمام أحمد رحمه الله إمام أهل السنة والجماعة من أحبِّ الناس
إليَّ، ونشأتي قامت على دراسة المذهب الحنبلي في المراحل الدراسية.. وقد
غلب عليه رحمه الله الحديث، وكان لا يحب الجدل، ولم يؤلف في الفقه؛ وإنما
رُوِيَ عنه بعض المسائل من قبل أبنائه وتلاميذه رحمهم الله؛ ولهذا لم
يعدَّه عدد من العلماء فقيهاً كالإمام ابن جرير وابن عبدالبر والإدريسي
وغيرهم، ولا سيما أنه رحمه الله لورعه يقول بقولٍ ثم يبين له قول فيتراجع،
وإذا استُفتي أوجز، ولا يصرح بحقيقة الحكم، بل يقول تورُّعاً أمثال: (لا
يعجبني)، والمذهب الحنبلي القائم الآن إنما هو من اجتهاد قدماء الحنابلة،
وتكثر فيه الروايات إلى سبع تقريباً، وقد سمعتُ شيخي عبدالرزاق عفيفي رحمه
الله معابثاً بلغة العامة ( إيه!!.. حُطُّوا لرجليكم مرقاة؛ فأكثر ما عندكم
ترجيح رواية من الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى، أو تخريج بعض
المسائل على ما عرف من مذهبه)، وقال الأستاذ الدكتور عبدالمجيد محمود
عبدالمجيد: (( زعامة الإمام ابن حنبل لأهل السنة في مقابلة المعتزلة معروفة
مشهورة لكن هذا لا يمنع أن تكون زعامة أحمد لأهل الحديث [أي تكون زعامته
خاصة]، ويُرشِّحُ لهذا [الصواب: هذا] أنَّ ابن عبدالبر قد أثبت فقه أهل
الحديث، وصرَّح بإمامة أحمد لهم في هذا الفقه، فقد قال عن أحمد بن حنبل في
كتابه الانتقاء [رحمهم الله جميعاً]: ( وله اختيار في الفقه على مذهب أهل
الحديث، وهو إمامهم).. هذا على الرغم من أن ابن عبدالبر لم يذكره مع
الفقهاء الثلاثة (مالك، والشافعي، وأبي حنيفة) ولكنْ اقتصارُهُ على هؤلاء
لا يعني أن الفقه محصور فيهم؛ فقد وُجِدَ لغيرهم مذاهب امتدَّت حياتُها حتى
عاصرت ابنَ عبدالبر [رحمهم الله تعالى]، وإنما اقتُصر على هؤلاء لكثرة
أتباعهم، وما جرَّته المنافسة بينهم من طعنٍ في هؤلاء الأئمة، ولعل ابن
عبدالبر قد تابع أبا داود السجستاني في قوله الذي ترحَّم فيه على هؤلاء
الثلاثة، اعترافاً منه بإمامتهم وتنبيهاً للمتعصبين المغالين: (رحم الله
مالكاً كان إماماً رحم الله الشافعي كان إماماً رحم الله أبا حنيفة كان
إماماً.. أما الخلاف في اعتبار أحمد ابن حنبل من الفقهاء فهو خلاف قديم نتج
عن قياسه بمن سبق من الفقهاء، ووَزْنِه بمعايير فقههم: من دقة الاستنباط
وحسن التخريج.. أو بما بَلَغوه من شهرة، وما نالوه من كثرة في التلاميذ
والأتباع دون ملاحظة منهجه الخاص، ودون تنبُّهٍ لتكوِّن المدرسة الجديدة
التي أخذت تقتحم عالم الفقه لتُزاحِم بقيةَ المذاهب، ولتأخذ مكانها بين
المدارس الفقهية، تحت شعار المحدثين أو أهل الحديث..
رجل حديث
لقد أهمل ابن جرير ذكرَ ابن حنبل [رحمهما الله تعالى] في الخلافيات، وقال:
(إنما هو رجُلُ حديثٍ لا رجُلُ فقه) وواجَهَ المِحَنَ من الحنابلة لأجل
ذلك؛ كذلك أَهمل مذهبَه كثير ممن صنفوا في الخلافيات كالطحاوي، والدَّبوسي،
والنسفي في منظومته، والعلاء السمرقندي، والفَرَاهي الحنفي أحد علماء
المئة السابعة في منظومته ذات العِقدين، وكذلك أبو محمد عبدالله ابن
إبراهيم الأصيلي المالكي في كتابه الدلائل، والغزَّالي في الوجيز، وأبو
البركات النسفي في الوافي.. وقال القاضي عياض في المدارك : ( إنه دون
الإمامة في الفقه، وجَوْدَة النظر في مأخذه عكس أستاذه الشافعي).. ويَرُدُّ
ابن عقيل الحنبلي على من لم يعتدَّ بفقه أحمد [رحمهم الله تعالى]، فيقول:
(ومن عجيب ما نسمعه عن هؤلاء الجهال أنهم يقولون: أحمد ليس بفقيه، لكنه
محدث.. وهذا غاية الجهل؛ لأنه قد خرج عنه اختيارات بناها على الأحاديث بناء
لا يعرفه أكثرهم وخرج من دقيق الفقه ما ليس نراه لأحد منهم، وانفراده بما
سلَّموه له من الحفظ )، والحق أنه نهج في الفقه نهجاً مستقلاً، وأنه مهَّد
للمحدثين من بعده طريق هذا الفقه، ويسر لهم التأليف فيه، وهيَّأ لهم
الالتفات حوله بحفظه الكثير من الآثار، وبما أسبغَتْ عليه المحنةُ من
تأثيرٍ بالغٍ في النفوس.. ونحن مع الأستاذ الشيخ محمد أبي زهرة إذْ يقول
عنه: (لذلك يحق لنا أن نقول: إن أحمد إمامٌ في الحديث، ومن طريق هذه
الإمامة في الحديث والآثار كانت إمامته في الفقه، وأن فقهه آثارٌ في حقيقته
ومنطقه ومقاييسه وضوابطه ولونه ومظهره)، ولقد أنكر لهذا ابن جرير الطبري
أن يكون فقيهاً، وعدَّه ابن قتيبة في المحدثين، ولم يعده في الفقهاء..
وكثيرون [الأفصح: كثير] قالوا مثل هذه المقالة أو قريباً منها، لكن النظرة
الفاحصة لدراساته وما أُثِر عنه من أقوال وفتاوى في مسائل مختلفة تجعلنا
نحكم بأنه كان فقيهاً غلب عليه الأثر ومنحاه))..
أسرةٍ واحدةٍ
ونقل شيخي عبدالفتاح رحمه الله عن شيخه الكوثري عفا الله عنه ـ وفي كلامه
حق، وفيه مصانعة؛ لأن عداءه للسلف عورة لا أستطيع سترها، وبوِّدي أن أستطيع
محبةً لشيخي أبو غدة، ولكن الحق أحب ـ: (( وقال شيخنا العلامة الكوثري في
مقالاته ص 120ـ 121 عند بحثه عن فِكْرَةِ التقريب بين المذاهب، وبيانه أن
الأئمة الأربعةَ كانوا كأسرةٍ واحدةٍ في خدمة الدين، وتبيينِ طُرقِ
الاستنباطِ من الكتاب والسنة.. قال رحمه الله تعالى: (وأحمدُ بنُ حنبل
تلقَّى من أبي يوسف ثلاثة قَماطِرَ من العلم في ثلاث سنواتٍ، واستفاد من
كُتُب محمد بن الحسن دقائق المسائل، وأخذ عن أسد بن عمرو صاحب أبي حنيفة،
ثم تفقه على الشافعي عند مجيئه إلى العراق سنة195 .. وقد جمع بين فقه علوم
فقهاءِ الأمصار على سعة روايته في الحديث؛ حتى كان مَرجِعَ العلماء في
السؤال عن مسائل أئمة الفقه؛ فكان أحمد بن الفَرَج يسأله عن مسائل مالكٍ
وأهل المدينة، وكان إسحاق بن منصور الكَوْسَجُ ـ راويةُ فقهه وفقه ابن
راهويه ـ يسأله عن مسائل سفيان الثوري، وكان الميموني يسأله عن مسائل
الأوزاعي، وكان إسماعيل بن سعيد الجرجاني الشالَنْجِي يسأله عن مسائل أبي
حنيفة وأصحابه [ رحمهم الله جميعاً].. لكنه كان يأبى تدوينَ المسائل أمامه
تحتَ إشرافه حذراً من التَّبِعة؛ حتى إنه لمَّا بلغه أن الكوسَج يروي عنه
مسائل في خراسان جمع أصحابه وأشهدهم على أنه رَجَع عن تلك المسائل، مع أن
كتابَ أبي يعقوب إسحاق بن منصور الكوسج في مسائل أحمد وابن راهويه ـ وهو
موجودٌ بظاهرية دمشق ـ مما يُعوِّلُ عليه الترمذي في مذهب أحمد وإسحاق في
المسائل [رحمهم الله جميعاً]، ولم يكن رجوعُ أحمد عنها لضعفٍ فيها بل خوفاً
من التَّبِعَة، وهذا لون من الورع أوجَبَ كثرة الخلاف في مسائله حيث لم
يُشرِفْ على تدوينها، حتى يُروى عنه في بعض المسائل نحوُ عشر روايات، وآفة
ذلك الرواةُ عنه.. وقد رَكِبَ أبو بكر الخلاَّلُ راحلتَه في زمنٍ متأخِّرٍ
فتنقَّل في البلاد يُسجِّلُ مسائل أحمد من أفواه أصحابه وأصحاب أصحابه؛
فَبَلغَ ما سجَّلَه أربعين مجلَّداً تجمع مختلف الروايات عنه؛ فأتعَبَ
فقهاء مذهب أحمد في تمحيص تلك الروايات، ومن أحسن من قام بتحرير تلك
الروايات هو صاحبُ (منتقى الأخبار) عبدالسلام بن تيمية الحرَّاني رحمه الله
في كتابه (المحرَّر)؛ فجزاه الله عن العلم خيراً).. انتهى ما أردتُ نقله
من كلام شيخنا الكوثري رحمه الله تعالى)).
وأما بالنسبة لي إذا عرضت لي مسألة تعمُّ بها البلوى استفتيت العلماء
الأموات في الأكثر مختاراً أهل الورع الفحول في العلوم؛ فإذا حققت المسألة
باستيعاب ودقة فقد أسلفت لكم منهجي في الأخذ بالظاهر والاكتفاء به .

المدينة : الخميس 1431/11/06 هـ 14/10/2010 م عدد:17340
http://archive.al-madina.com/node/198204
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alhadyalzahry.yoo7.com/index.htm?sid=c2228a5c38d098018d4d
 
العلامة أبو عبد الرحمن الظاهري: الظاهرية كانت المذهب الرابع قبل أن يوجد المذهب الحنبلي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العلامة ابن عقيل : الظاهرية كانت المذهب الرابع قبل أن يوجد المذهب الحنبلي
» العلامة ابن عقيل الظاهري يقول: أهذه أُمِّيَّةٌ فكرية ، أو تأميم علمي؟!
» فتاوي من المذهب الظاهري في قضايا العصر. بقلم / مكي المغربي
» الظاهرية هي المذهب الأول
» الجديد في مكتبة العلامة الشيخ أبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منهج أهل الظاهر :: مقالات أهل الظاهر من المعاصرين :: قسم العلامة ابن عقيل الظاهرى-
انتقل الى: