أبو حيان الغرناطى الظاهرى صفته ومعتقده

كان أبو حيان شيخا حسن العمة مليح الوجه ظاهر اللون مشربا بالحمرة منور الشيبة ، كبير اللحية مسترسل الشعر فيها ، وكانت عبارته فصيحة بلغة أهل الأندلس ن ويعقد القاف قريبا من الكاف على انه ينطق بها فى القرآن فصيحة (1)

وقال الرعينى " هو شيخ فاضل ما رايت مثله كثير الضحك ولانبساط بعيد عن الانقباض ، جيد الكلام طلق اللسلان ذو لمة وافرة وهمة فاخرة ، له وجه مستدير وقامة معتدلة التقدير ، ليس بالطويل ولا بالقصير" (2)

وقال الإدفوى " كان ثبتا صدوقا حجة سالم العقيدة من البدع الفلسفية والاعتزال والتجسيم"(3)

وبخصوص إشكالية قول أبو حيان " بحسب البلدة" (4).
فهذا لا يعنى أبدا أن الإمام كان يرى تغاير المذهب حسب حال البلد كلا .
بل إنه أراد أن حاله منهجه الظاهرى والعمل به حسب حال البلد التى يحل فيها .
وهو لما حل مصر وجد هجرانا للمذهب الظاهرى أو للمنهج ، ووجد أن الشافعى هوأقرب المذاهب للظاهرية فىعصره ، خاصة أن الإمام داود بن على كان فى بداية أمره شافعى المذهب ثم صار ظاهريا .
وكان ابن حزم مالكيا ثم شافعيا ثم ظاهريا .
فبناء على ذلك مال ابوحيان للشافعى وأعجب به لتعزيزه للسنة ، فضلا عن عدم إسرافه فى الراى والقياس .
المهم الأمر عند أبى حيان بشان الشافعية لم يعدو الإعجاب ، ومحاولة الجهر بقول اقرب ما يكون إلى الظاهرية .
ومن ثم لما سئل عن ظاهريته هل تركها فقال " محال أن يترك الظاهر من علق بذهنه"
وأمر آخر فى إبطال من تعلق بكلمة أبى حيان " بحسب البلدة" على أنه هجر الظاهرية وصار شافعيا .
نقول لمن راى ذلك هل مصر كانت شافعية آنذاك ؟
الإجابة قطعا بالنفى .
فنقول له كم مذهب كان وقتها؟
فيجيب قطعا أنهم كانوا أربعة ؟
فأيهم كان اكثر نفورا من التقليد والرأى ؟
الشافعى.
وأيهم أكثر تعزيزا للسنة ؟
الشافعى.
ثم نسأل من يذهب إلى أن ابا حيان كان شافعيا بناء على ما سبق .
كيف كان حال الظاهرية فى ذلك العصر؟
هل كانوا آمنين أم مضطهدين؟
فلا مفر من ان يجيب بما طرحته المصادر من أن الظاهرية كانوا مضطهدين ، وكان ينكل بهم ، ويفصلوا من وظائفهم .
ثم نسأله أيضا؟
ماذا لو كنت أنت ظاهريا ثم جئت من بلد الظاهرية فيه أمرهم فى علو إلى بلد تضطهد الظاهرية!!!!
هل كنت ستعلن ظاهريتك !!!1
أم أنك ستحاول أن لا تظهرها بعض الشىء ، وتتلمس فى غيرها ما يقاربها ؟
قطعا سيكون فعله مثل ما فعل ابوحيان الظاهرى رضى الله عنه .

وبخصوص مسالة اشعرية الرجل رحمه الله فهى من الأمور التى لا يمكن ان ننكرها عنه ، ولا نكيلها له كتهمة نتهمه بها.
إذ الرجل كان ظاهريا نصيا صاحب نزعة سلفية واضحة فى تفسيرة لا يمكن ان ننكرها " وأعنى بالنزعة السلفية ما كان عليه الصحابة ومن تلاهم من أهل الفضل فى الأسماء والصفات" .
كما أنه أيضا لجا إلى التأويل فى بعض المواضع ونزع منزع الاشاعرة ، وهذا امر كان محتما بسبب التاثير الاشعرى الذى ضرب المغرب والأندلس على يد ابن تومرت ومن قبله ، وإن حاولت الدولة الموحدية قدر الاستطاعة أن تاخذ من الاشعرية ما يتوافق مع منهجها الظاهرى ، ولكن كان من المحال عليها ان تتفادى كل الاخطاء والتى تفلتت منها إلى ما بعد عصرها كعصر بنى نصر الذى عاش فيه أبوحيان الغرناطى قبل مجيئه إلى مصر ، وكعصر بنى مرين فى المغرب الذى تلا دولة الموحدين مباشرة فى ممتلكاتها .

ـــــــــــــــــــــــ
(1) أنظر : المقرى ، نفح الطيب ، 3/295.
(2) نقلا عن المقرى ، سابق ، 3/321.
(3) نقلا عن ابن العماد ، شذرات الذهب فى أخبار من ذهب ، 6/146.
(4) وذلك فيما ذكر عنه " وسبب تمذهبه بالمذهب الشافعي أنه لما عاد إلى مصر فوجد الناس على مذهب الشافعي وهجر الناس يومئذ المذهب الظاهري ـ مع تحفظنا على تسمية الظاهرية بالمذهب ـوسئل عن ذلك فقال "بحسب البلدة"

يا دكتورنا، إن كان مصر دولة غير شافعية حينئذ، فما كان المذهب الغالب في مصر أثناء حياة أبي حيان هماك

مصر غلب عليها المذهب الشافعى فى وقتها وإن كانت المذاهب الأربعة معمولا بها فى القضاء