هل قدم المسلمون فكرا سياسيا أو نظرية سياسية متكاملة ؟

هذه المشاركة جاءت ردا على سؤال طرحه الأخ المفضال عبدالرحمن المغربى
على منتدى مجالس الطريق إلى الجنة
وقد أجبته هناك ، وهذا هو ردى أضعه فى مشاركة لعله يفيد بعض الأخوة الفضلاء

وهذا هو الرد بتمامه " بخصوص سؤالك عن " هل للمسلمين فكر سياسى إسلامى"

فأقوال لك بملء الفم باعتبارى واحد من منظرى الحضارة الإسلامية

نعم عرف المسلمون فكرا سياسيا إسلاميا أصيلا

وللعلم ما يحياه الغرب من فكر سياسى الآن إنما تم على أكتافنا نحن

يا أخى لقد برزت عبر الحضارة الإسلامية أفكارا سياسية خطيرة خلال القرون الإسلامية الأربعة للهجرة

ومن هذه الأفكار ما قدمه محمد بن الحسن الشيبانى ، وما قدمه ابن أبى الربيع وغيرهما

وبدءا من القرن الخامس الهجرى تأصلت نظرية سياسية متكاملة على يد العلامة ابن حزم بسطها فى كتابه السياسة ، وفى كتابه الشهير الفصل.

ومنه تلقفها الماوردى فى نفس القرن كما أكدنا ذلك فى أكثر من موضع من دراساتنا

وقد صنف الماوردى عدة كتب فى الفكر السياسى الإسلامى منها كتابه الشهير " الأحكام السلطانية" الذى استفاد جل أفكاره من ابن حزم

وقد اعتبر المستشرقون هذا الكتاب أنه المدخل الاساسى لفهم الفكر السياسى الإسلامى.

ومن كتب الماوردى فى هذا المضمار " كتاب قوانين الوزارة وسياسة الملك" ، وكتاب " نصيحة الملوك" ، وكتاب " أدب القاضى"

ومن كتاب الفكر السياسى الإسلامى الجوينى الاشعرى له كتاب " غياث الأمم"

وفى القرن السادس الهجرى برز ابن رشد فى كتابه الضرورى قدم فكرا سياسيا أصيلا

وفى نفس القرن قدم ابن الجوزى كتابه " الشفاء فى مواعظ الملوك والخلفاء"

وفى القرن الثامن الهجرى قدم لنا ابن جماعة أفكارا سياسية مهمة فى كتابه " تجنيد الأجناد"

كما ساهم ابن تيمية بأفكار سياسية فى كتابيه " الحسبة" ، والسياسة الشرعية فى إصلاح الراعى والرعية

وفى القرن الثامن الهجرى وأوائل التاسع قدم ابن خلدون فى مقدمته الشهيرة نظرية سياسية استفاد منها القاصى والدانى.

ولابن خلدون كتابه " رفع الملام عن حكام الأنام"

وفى القرن التاسع الهجرى برز لنا ابن الازرق بكتابه " بدائع السلك فى طبائع الملك"

وفى القرن الثانى عشر الهجرى قدم شيخ الإسلام أحمد بن عبدالمنعم الدمنهورى أفكارا سياسية مهمة فى كتابه " النفع الغزير فى صلاح السلطان والوزير"

هذا ما يحضرنى الآن وأنا فى عجلة من أمرى

ومن طالع كتب الحضارة الإسلامية تبين له حقيقة النظرية السياسية الإسلامية المتكاملة

التى قدمها منظرى الإسلام القدامى

هذا وبالله تعالى التوفيق.

وقد عقب أحد الاصحاب على المقالة السابقة وهو الحبيب عبدالرحمن المغربى بقوله :
" أما ما كتبه ابن حزم رحمه الله (إن كان متطورا) فقد ذهب وقته , وزماننا غير ذاك الزمن....

والنظم تتغير بتغير الأحوال ...ويشهد لصحة ما أقول : أن التراكم للفكر الإسلامي السايسي لم يحصل لذلك معاني الان من فراغ واضح ولا حاجة لإنكاره ..فلكي تحاول غبراز نظرية ما في كتب الأوليين عليك ان تقرأ مخطوطات ومطبوعات لا تحصى !!

أما ميكافيلي فقد فهم خطأ كم اقلت لك شيخنا الفاضل....

أما نظرية العقد الإجتماعي لروسو فهي معروفة عند الإسلام لكن التطور الذي وصلت له مع روسو لم تصل له مع المسلمين ولو وصلت لذاك التطور لما كانت ذات جدوى فالتسلط لم يفارق نمط تفكير المسلمين" انتهى قوله

ولى وقفة مع هذه المشاركة فى النقاط التالية :

أولا : قولك بخصوص ما كتبه ابن حزم إن كان متطورا فقد ذهب وقته وزماننا غير ذاك الزمن لا يسلم من الخطا
لأن هناك من الأفكار ما كتبها ابن حزم ولا زال الناس يعجبون منها بل غير ابن حزم
ألم يقل ابن حزم بكروية الارض وبنظريات فلكية أدهشت الجميع من الغربيين والمسلمين
فهل ما أكده ابن حزم قديما خالف ما اكتشف حديثا
ثم إنى يا أخى قلت لك اقرا أولا فسترى العجب العجاب فيما كتبه ابن حزم
قلت لك إن دولة الموحدين التى أسست نظما سياسية غاية فى القوة والمتانة قامت على أفكار ابن حزم التى دونها فى كتابه السياسة
وبمنطقك هذا فإن افكار ابن حزم وغن كانت متطورة لا تصلح إلا فى عصره ، لكنه صلحت بعد عصره بزمن واستمرت مطبقة ما يقرب من قرن ونصف من الزمان
لو قرأت أخى الكريم النظم السياسية لدولة الموحدين لوقفت على هذا الأمر
واعلمأنها دولة أقامت خلافة إسلامية وادعت النسب القرشى لأن الخلافة لا تصح إلا لقرشى

ثانيا : أنت تقول ان النظم تتطور وهذا حق لكن بمنطق التطور الذى تتحدث عنه فمحال لان العالم الإسلامى أخى الكريم ظل أكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان لايعرف إلا الإبل والخيل والحمير فى النقل حتى اخترعت السيارات والطائرات
فهذا نظام صار به العالم الغسلامى والغربى طيلة هذه القرون فهل من تطور طرا أو غير نظام البريد عن طريق الحمام الزاجل أو غيره ن وهل من تطور فى النظام الدبلوماسى وقتها الأمر كان واحدا
وانت لو دققت فى الحضاات الإسلامية فى العديد من الدول لوجتها ذات صبغة واحدة
النظام الذى كان فى مصر هو فى سوريا هو فى فلسطين
ليس ثمة تغيير
ولما وقع التطور ماذا حدث
أنظمة متشابهة
وافكار مشابهة لا جديد إلا ما أنت به أعلم

ثالثا : وبخصوص نظرية روسو وغيره فكما قلت من قبل هو علة على المسلمين وعلى تراثهم ، ومن ثم فإن كل ترويج له ولنظريته غنما فى الاصل ترويج لاصل الفكرة التى نسها هو بما يساير الفكر الغربى
ثم يا أخى أليست الافكار الغربية التى ذكرتها من منظور التطور لا تصلح للتطبيق لا الغرب تطور حسب ما ذكرت وهذه الأفكار لا تصلح للتطبيق الآن
أخى عبدالرحمن كل الأفكار السياسية التى قدمها منظرو الفكر السياسى الإسلامى لو طبقت فىهذه الأيام لصلحت وانا أدعوك فقط لقراءة الكتب التى وضعتها فى أول مشاركة وبعدها نتحاور