سؤال عن قاعدة عدم النقل

هذا سؤال من الأخ الحبيب العلاء ونصه :
هل قاعدة عدم النقل لا يفيد العدم قاعدة معتبرة؟ و إن كانت معتبرة فهل لها من ضوابط؟
أرجو منكم بسط القول .
و شكرا
ـــــــــــــــ
وهذا جوابنا

شكر الله لك هذا التساؤل اخى العلاء .
بخصوص قاعدة " عدم النقل لا يلزم منه العدم" أو لا يفيد العدم . أو " عدم النقل ليس نقلا للعدم" لا تصح أصلا فى الشريعة.
فلو كانت فى غير العبادات لقبلت وهى بهذا تتماثل مع قاعدة " الأصل فى الأشياء الإباحة ما لم يرد نص".
لكن فى أمور العبادة فلا يمكن أن تقبل هذه القاعدة لأمرين :

الأول : أنها مخالفة لقوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى "
ولقوله تعالى " أيحسب الإنسان أن يترك سدى"
وقوله تعالى " وما كان ربك نسيا"
وقوله تعالى " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته"
فهذه النصوص قاضية على امر وهو أن الدين قد كمل ، وأن الرسول بلغه كله ، ولم يحتجز شيئا أو يكتمه ن وأن ربنا ما تركنا نتخبط دون أن ينقل لنا الدين كاملا محفوظا .

الثانى : أنها تعارض قاعدة "الاصل فى العبادات التحريم حتى يأتى نص بالعبادة" فنحن لا نعبد الله إلا بنص فى القرآن أو فى سنة النبى العدنان .
فلا يمكننى ان أقول ساصلى صلاة شكر مثلا لأن ذلك لم يثبت عن النبى ، وإنما ما ثبت شجدة الشكر وهكذا .
ومن ثم فمن يقول بصحة هذه القاعدة سيكون مشرعا من دون الله لأنه سيحمل عدم نقل نص او خبر عن النبى صلى الله عليه وسلم على عدم حرمة الفعل أو العمل الذى لم يرد فيه النص .

وإن تعجب فعجب قول أحدهم وهو يفسر هذه القاعدة إذ يقول " أن عدم النقل لا يلزم منه العدم بمعنى إذا لم ينقل بيان تلك المسألة عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ فليس في هذا دلالة على عدم ذلك الفعل، فمثلاً رفع اليدين في الدعاء حال الخطبة غير مشروع، فيقول: المخالف ما الدليل على عدم مشروعيته، فيقال: إنه لم ينقل عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه كان يرفع يديه إذا دعا حال الخطبة فيقول الآخر المثبت للرفع: إن عدم النقل لا يلزم منه العدم" .

قلت : وهذا مرفوض قلبا وقالبا لأمرين :
الأول : أننا بهذا نفتح المجال للتشريع من عند أنفسنا ، وما نتعبد الله إلا بما أخبرنا الله فى كتابه ، وعلى لسان نبيه .
الثانى : أن المثال الذى طرحه صاحب الكلام السابق بخصوص "عدم رفع اليدين أثناء الدعاء حال خطبة الجمعة " لا يسلم له لان فيه رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم وليس كما قال إذ إن فعل النبى أنه كان يشير بيده ولا يرفع يديه .
فعَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ رضي الله عنه أنه رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ فَقَالَ : قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ " رواه مسلم رقم (874).

فهل يا ترى هذا نص فى المسألة ام لا .
وهل يا ترى إن فعلنا فعلا فى العبادة لم يفعله النبى نكون بذلك من أهل الفضل والخير ، أم من أهل البدع والضلال ؟!
المهم أخى الحبيب بشأن هذه القاعدة فمعناها يرجع إلى أمرين:
الأول : ذهب البعض إلى أنها مرتبطة بما نقل عن النبى صلى الله عليه وسلم ومن ثم رفضوا القاعدة فى الشرعيات وقالوا تعدل القاعدة لتكون كالتالى " عدم النقل دليل على العدم " أى أن ما لم ينقله الصحابة عن النبى فى حكم أو مسألة ما دليل على العدم . وهذا ما نراه ، وهو ما يستقيم مع النصوص والشريعة .
الثانى : أن الفقيه أو الإمام إن لم ينقل في المسألة دليلا فليس هذا نقلا لعدم الدليل؛ لجواز أن يكون في المسألة دليل خفي على الفقيه ، والقاعدة على هذا المعنى صحيحة ويعمل بها .
أما إن مست الشرع والنصوص فما نراها تصح اصلا ، ولا يجوز العمل بها .
وفقنى الله وإياكم لكل خير .

» سؤال للدكتور عبدالباقي حول الميراث
» سؤال ... حول حكم اللحية ... حلقها وتقصيرها
» سؤال عن حكم العادة السرية وراى ابن حزم
» سؤال عن صلاة التراويح من الأخ العلاء
» سؤال عن نسبة قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعى