إخوانى الكرام لقد خالطت المدرسة العقلية ورجالها أكثر من عقد ونصف من الزمان وتتبعت كتاباتها وأقوالها ووقفت على الكثير من الطروحات ، واستفدت منها إفادات لا شك عظيمة رغم التحفظ على بعض أفكارها التى طالما نبهت عليها من إسراف فى التأويل ، ومن تبنى الأقوال التى يحسبونها لا تعارض النص بناء على تقويتها ببعض النصوص القرآنية - أعنى تغليب حديث ضعيف على صحيح لأجل موافقة القرآن لنص الحديث الضعيف- وهذا منهج رأيته منهم صراحة .
ورأيت فى بعض الأحيان تغليب قول أحد الأئمة على نص هو عندهم لا يصح حسب منهجهم ، وإن كان صحيحا لا مغمز فيه عن جمهور المحدثين والفقهاء .
هذه أمور شاهدتها وعاينتها ووقفت على حقيقتها .
ولكن مع كل هذا فلا زلت اسير ما استفدته من هذه المدرسة من إفادات جمة وعلى رأسها حبى لابن حزم ثم انعطافى على المذهب الظاهرى ، ولو لم يكن لهذه المدرسة فى حياتى إلا هذه الفائدة لكفانى.
قد يخالفنى البعض أن لهذه المدرسة فوائد ، ولكن أقول " ليس المخبر كالمعاين" ، " ومن ذاق عرف" وقد ذقنا وعرفنا والحمد لله .
المهم إخوانى الكرام كلام شيخنا ابن عقيل فيه من الصواب وفيه غير ذلك .
ولن اقف مع كلامه سدد الله خطاه إلا فى مسألة ماسونية محمد عبده وتضليل الأفغانى له .
وهذه تهمة لطالما رددها البعض .
والواقع ان الأفغانى نفسه غرر به عندما عرضت عليه شعارات الماسونية وقتها ( الأخوة - المساواة- العدالة) ولم تكن الأمور وقتها قد استقرت واتضحت كما هى عليه الآن ، بل لم ينبه على فسادها وزيفها أحد كما هو الحال فى زماننا .
ومن ثم انتسب الأأفغانى لهذا المحفل الماسونى لا عن علم بمخططاته ، ولكن عن عدم معرفة وإحاطة بسوء نوايا هؤلاء القوم .
وحسبنا أن الأفغانى مات عليلا قتيلا لم يؤثر عنه إلا العمل على استنهاض المسلمين وإحياء جامعتهم وحضارتهم ورسالتهم ، ومات وهو يقول " ملتى ملتى "
حسبنا أنه ما ترك ظالما ولا مجرما إلا وهاجمه هاجم شاه إيران وهاجم الدهريين وهاجم الإنجليز والفرنسيين وكل من أراد بالامة سوء .
وطرد من بلد إلى بلد لأجل استنهاضه لهذه الأمة التى كانت تنحر وتسلخ وهى لا تشعر .
حسبه أن المؤرخين كانوا يقولون عنه فى زمانه " ما كان جمال الدين يرى نفسه دون الخليفة"
وهكذا كان تلميذه محمد عبده ، وإن كان لمحمد عبده مواقف من الناحية السياسية تقبل القيل والقال فحسبه ان عصره كان عصر تخلف واحتلال ن وأنه كأزهرى كان يحاول ان يعيد للإسلام مجده وعزته فى ظل جو استشرى فيه الاستشراق والشبهات والفتن فأنى لرجل وحده أن يواجه كل هذا الفساد .
لا شك يا إخوانى أنه كرجل نصب من نفسه مجددا هو وشيخه الأفغانى وتلميذه رشيد رضا سيكون لهم من الزلات والهفوات ، وهذا حال كل مجدد .
ولكل عالم زلة ولكل فاضل وهلة
والله المستعان وعليه التكلان .
ولمن أراد أنيقف على كلام شيخنا ابن عقيل فليراجع هذا الرابط
http://news.al-madina.com/node/257593/risala