ابن العربى المالكى كان تلميذا لإمام من أئمة الظاهرية

كان ابو بكر بن العربى المالكى المتوفى عام 543هـ قد تتلمذ فى الحديث على يد أبى عامر محمدبن سعدون الميورقى الظاهرى توفى سنة 524هـ
وكان قد استوطن بغداد
لقيه ابن العربى وطلب الحديث على يديه وهو بالمشرق
وقال عنه ابن العربى " هو من أحفظ من لقيت" (1)
فهذه شهادة من ابن العربى المتعصب لواحد من حفاظ الظاهرية
فلماذا لم يحترم ابن العربى مذهب شيخه الذى كان له فضل عليه؟
ولماذا أطلق لسانه فى الظاهرية بأقذع العبارات؟

أما بخصوص قول بعض أصحابنا الظاهرية مرجعا سبب الحملة الشعواء التى قادها ابن العربى ضد الظاهرية إلى كراهية خفية من ابن العربى لأبيه الظاهرى الوزير تلميذ العلامة ابن حزم
فهذا ما لم يكن أبدا
لأن ابن العربى فى رحلته عبر عن حزنه العميق بعد وفاة والده
وقبل وفاته ذكر أن أباه كان له تأثير كبير عليه ، وأنه استفاد منه استفادات جمة
لكن الغريب أنه هاجم الظاهرية وانتقدها نقدا شديدا
ولعل مرد ذلك إلى تعصبه لمذهبه المالكى
وهو ما يتضح من تحسره على كثرة الظاهرية بالأندلس بعد عودته من المشرق.

وأما أن يكون - حملته ضد الظاهرية- ذلك تعصبا لمالك والمالكية فربما وإن كان ذلك أيضا لا يسلم به لأن ابا بكر ابن العربى هو القائل " إن قالها مالك فلسنا له بممالك"
وربما حمله كثرة الظاهرية فى زمانه على التعصب
وربما هاله انتقادات ابن حزم للمالكية فضلا عن نشأته فى بيئة مالكية اصلا وفى ظل دولة المرابطين المالكية فراح يكيل لمن وجه النقد لإمام مذهبه .
ولعل ذلك مرده موجة المد المالكى المتزايد ، ومن ثم عندما وجد المد الظاهرى فى ظل دولة الموحدين راح يعلن ولاءه للدولة التى طالما انتقد فقهها ورجاله نقدا شديدا .
ومن ذلك أيضا ان ابن العربى واجه ردودا قاسية من الظاهرية فى عهد المرابطين وفى صدر دولة الموحدين قبيل وفاته بقليل ، فلا شك ان ذلك كان له من الاثر عليه ما دفعه إلى قول ما قاله بشأن ابن حزم والظاهرية .



ــــــــــــــــ
(1) أنظر : سعيد أعراب ، رحلة ابن العربى ، ص47